شبكة و منتديات شباب كركوك لخادم السنة النبوية مدحت كركوكلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» يا بُنيّ إحرص على نشر العلم(نصيحة من رجل عامّي للشيخ ابن عثيمين)
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:33 am من طرف مدحت كركوكلي

» أخي المسلم لا تضيع أجر حجة وعمرة كل يوم
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:27 am من طرف مدحت كركوكلي

» تحية وسلام الى إدارة وأعضاء المنتدى
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:22 am من طرف مدحت كركوكلي

» هل هذا فــرض ام ســنــة !!! ؟؟؟
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:14 am من طرف مدحت كركوكلي

» هل ثبتَ عن الإمام الشافعي:أنه عندما امتُحِن في المقولة بخلق القرآن أشار إلى يده يعني مخلوقة ؟ يُجيب الإمام ربيع المدخلي.
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:09 am من طرف مدحت كركوكلي

» هام لكل مسلم ومسلمة
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:06 am من طرف مدحت كركوكلي

» العقيدة الصحيحة وما يضادها
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء مارس 20, 2013 11:02 am من طرف مدحت كركوكلي

» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) ولاتلبسوا الحق بالباطل
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء فبراير 29, 2012 12:20 am من طرف مدحت كركوكلي

» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) الانفاق
أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Icon_minitimeالأربعاء فبراير 29, 2012 12:16 am من طرف مدحت كركوكلي

التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 42 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو كاروان شيخاني فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 206 مساهمة في هذا المنتدى في 154 موضوع

أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل }

اذهب الى الأسفل

أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Empty أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل }

مُساهمة من طرف مدحت كركوكلي الأحد أكتوبر 09, 2011 1:25 am

[size=24]أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل }
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين ((رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون على الله حجة بعد الرسل)) والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أتباعه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فهذه فتاوى علمية في مسألة العذر بالجهل وقيام الحجة وتكفير المعين لمجموعة من علمائنا الأفاضل وهي من المسائل العلمية العظيمة التي كثر فيها القيل والقال في أوساط بعض السلفيين بل جعلها بعضهم سلما للوقوع في أعراض العلماء وتكفير جهلة المسلمين .
وممن أحسن الكلام فيها وأجاد وأفاد محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين رحمه الله حيث تكلم فيها بشئ من التفصيل وجمع بين النصوص الواردة في الموضوع بتأصيلات علمية دقيقة وحجج قوية لاتكاد تجدها في مكان آخر
1الإمام الشافعي رحمه الله :
قال رحمه الله تعالى :لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لايدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر فنثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه فقال ليس كمثله شيء
2الإمام أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله :فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الشرك والكفر ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا فإنه يعذر بالجهل والخطأ حتى تتبين له الحجة التي يكفر تاركها بيانا واضحا ، ما يلتبس على مثله وينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام مما أجمعوا عليه إجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل
3الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى : وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله ، لايحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك
4الحافظ النووي رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى :وكذالك الأمر في كل من أنكر شيئا مما أجمعت الأمة عليه من أمور الدين إذا كان علمه منتشرا كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الزنا والخمر ونكاح ذوات الأرحام ، ونحوها من الأحكام إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام ولايعرف حدوده فإذا أنكر شيئا منها جهلا به لا يكفر .
5شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى :من كان مؤمنا بالله ورسوله مطلقا ولم يبلغه من العلم ما يبين له الصواب فإنه لايحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي من خالفها كفر إذ كثير من الناس يخطئ فيما يتأوله من القرآن ويجهل كثيرا مما يرد من معاني الكتاب والسنة والخطأ والنسيان مرفوعان عن هذه الأمة والكفر لايكون إلا بعد البيان .
وقال أيضا رحمه الله تعالى :فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة .
وقال أيضا رحمه الله تعالى :والتحقيق في هذا أن القول قد يكون كفرا كمقالات الجهمية الذين قالواإن الله لايتكلم ،ولا يرى في الآخرة ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر فيطلق القول بتكفير القائل كماقال السلف من قال القرآن مخلوق فهو كافر ومن قال إن الله لايرى في الآخرة فهو كافر ولايكفر الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة .
وقال أيضا رحمه الله :فلهذا كان أهل العلم والسنة لايكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي ،فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى وكذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضا تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها وإلا فليس كا من جهل شيئا في الدين يكفر ...... إلى أن قال وقد ثبت في الصحيحين حديث الذي قال لأهله :إذا انا مت فسحقوني ثم ذروني في اليم فو الله لإن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين فأمر الله البر فرد ما أخذ منه وأمر البحر فرد ما أخذ منه وقال ما حملك على ما فعلت قال خشيتك يا رب فغفر له فهذا إعتقد أنه إذا فعل ذلك لايقدر الله على إعادته وأنه لايعيده أو جوز ذلك وكلاهما كفر ولكن كان جاهلا فلم يتبين له الحق بيانا يكفر بمخالفته فغفر الله له ...
وقال أيضا رحمه الله تعالى :فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الإستغاثة ولا بغيرها ولا بلفظ الإستعاذة ولا بغيرها مما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلا تفطن وقال هذا أصل الدين وكان بعض الأكابر من الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول هذا أعظم ما بينته لنا لعلمه هذا أصل الدين .
6شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى :إن العذاب يستحق بسببين :
أحدهما: الإعراض الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها
الثاني :العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل .
7شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله الله تعالى :
قال رحمه الله :وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم إنا نكفر بالعموم ونجيب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل ،ومثل هذا وأضعاف أضعافه فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله وإذا كنا لانكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر الينا أو لم يكفر ويقاتل سبحانك هذا بهتان عظيم .
وقال أيضا : بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك .
وقال أيضا رحمه الله تعالى :ما ذكر لكم عني أني أكفر بالعموم فهذا من بهتان الأعداء وكذلك قولهم إني أقول من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي فهذا أيضا من البهتان إنما المراد إتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء إلا رجلا معاندا أو جاهلا .
وقال أيضا رحمه الله :وأما ماذكر الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالمولاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله .
8فضيلة الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
س : من هم أهل الفترة؟
ج :لا أعتقد أن أحدا يضيق معنى هذه الآية فيقول ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) بشخصه أي كل قوم لابد أن يأتي رسول بشخصه و بدعوته ذلك لان من المعلوم أولا بالنص قوله عليه الصلاة والسلام (( فضلت على الأنبياء قبلي بخمس خصال وذكر فيها عليه الصلاة والسلام قوله ) وانه كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ،وبعثت إلى الناس كافة ( قوله عليه السلام ) بعثت إلى الناس كافة( مع قوله تعالى ) وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا (وقوله ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( كل هذا وذاك يدل على أن بعثة الرسول عليه السلام ، ليست فقط بشخصه بل وببلوغ الدعوة إلى من بعد وفاته عليه الصلاة والسلام . كذلك نقول حينما قال عليه السلام (( وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة )) لا يعني يبعث بشخصه فقط بل وبدعوته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام هذه حقائق في اعتقادي لا يمكن لأحد أن يماري أو يجادل فيها ، لأنه سيلزمه محذوران اثنان
المحذور الأول : أن يعتقد أن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة محصورة بالعرب الذين دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة إلى الإسلام ، اما بعد وفاته فقد انتهت دعوته عليه السلام وبعثته ورسالته وهذا بلا شك باطل و الشيء الآخر مثله وهو أن يعتقد أولئك الشاكين المرتابين في صحة تلك الأحاديث؛ وهي صحيحة دون خلاف بين العلماء، أن يعتقدوا أننا نحن معشر المسلمين وعددهم يبلغ عشرات الملايين لم تبلغنا الدعوة ، لماذا ؟ لأنه ما جاءنا رسول مباشرة فهل من عاقل يقول بمثل هذا القول الذي يلزمهم أن يقولوا به إذا ما قالوه في العرب الذين كانوا قبيل بعثة الرسول عليه السلام لأنهم يقولون هؤلاء ما جاءهم رسول لكنهم يعلمون أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وهي دعوة التوحيد ، فكفر من كفر بها وآمن من آمن بها فإذن لا فرق بين دعوة إبراهيم و إسماعيل من حيث شمولها لكل من بلغته الدعوة ولو بعد وفاة الرسول المرسل إليه مباشرة ، لأنه ليس المقصود من بعثة الرسول هو الشخص ، وإنما المقصود دعوته ورسالته ، ذلك لأننا لو فرضنا إنسانا في زمن الرسول المبعوث مباشرة إلى قوم ما كان أصم أبكم التقى مع الرسول المبعوث ولكنه هو لا يفقه شيئا مما يقول ، لما به من صمم وبكم فهذا لم تبلغه الدعوة وإن كان قد بلغه الرسول بشخصه و العكس كذلك، حينما نتصور قوما جاءتهم دعوة الرسول عليه السلام . دون أن يروا الرسول بعينه وشخصه فقد قامت الحجة عليهم إذا كان الأمر كذلك وهو كذلك دون خلاف بين مسلمين فحينئذ لا محذور بالنسبة لتلك الأحاديث الصحيحة التي تشهد بأن أولئك الأشخاص هم من أهل النار، فلازم ذلك أنهم قد بلغتهم الدعوة و أقيمت عليهم الحجة ، فلا جرم أن النبي حكم عليهم بأنهم من أهل النار .فقول من يقول لدفع هذه الأحاديث أن إسماعيل أو إبراهيم أو غيرهما من الأنبياء الذين أرسلوا إلى العرب ما جاءهم رسول مباشرة ، فهذا كما لو قال قائل اليوم، أن التابعين وأتباع التابعين إلى هذا الزمان وإلى آخر الزمان الذي لا يبقى على وجه الأرض من يشهد أن لا إله إلا الله ، إلا جاءت ريح طيبة وقبضت أرواحهم كل هؤلاء من المسلمين أتباع الصحابة ومن بعدهم نقول لم تبلغهم الدعوة لأنهم ما جاءهم الرسول فهل من عاقل يقول بمثل هذه الكلمة . ظني أن لا أحدا يقول اذن نحن نلزمهم بأن يقولوا نفس الكلمة معنا ، لأنه ليس المقصود من إرسال الرسل فيما قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هو أشخاصهم فقط ، بل المقصود دعوتهم أيضا، فسواء، لا فرق بين قوم دعاهم الرسول مباشرة بدعوته وبين قوم أو أقوام آخرين جاءتهم دعوة الرسول بواسطة أتباع الرسول ، فكل من هؤلاء و هؤلاء قد قامت حجة الله عز وجل على الناس جميعا بطريق من هاتين الطريقتين ، إنه وصول دعوة الرسول بواسطته مباشرة ، أو وصول دعوة الرسول بواسطة غيره من أتباعه الذين امنوا به ، فحينئذ نعرف من هم أهل الفترة ، خلاصة ذلك أن أهل الفترة هم الذين لم تبلغهم دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة منه إليهم أو بواسطة أحد أتباع هذا الرسول، إلى هنا فيما يبدو ينتهي الجواب عن السؤال السابق ولكن لابد لي من كلمة قصيرة حول الدعوة التي يجب أن تبلغ ناسا لتكون حجة الله قائمة عليهم ، لأنهم قد تكون جاءتهم الدعوة بطريق غير طريق الرسول فلا تكون الحجة قائمة في هذه الحالة لتقصير وقع من هؤلاء المبلغين . فقد ذكرت آنفا أن الرسالة قد تبلغ بطريق من طريقتين .
الطريقة الأولى: بشخص الرسول وهذه بلا شك ولا ريب أقوى من الطريقة الأخرى وهي أن تصل الدعوة إلى قوم ما بواسطة أتباع الرسول سواء كان هؤلاء الأتباع من أتباع الرسول مباشرة أو على التسلسل كما نقول في فهم حديث الرسول (( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) فخير الناس أصحابه عليه السلام لأنهم هم الذين أرسل إليهم الرسول مباشرة ثم التابعون لهؤلاء الأصحاب ثم أتباعهم .
الطريقة الأخرى أن تصل الدعوة إلى ناس ما بطريق أتباع الرسول سواء التابعون للصحابة أو أتباعهم أو من جاءوا من بعدهم كما هو واقع اليوم الذي أريد الآن أن أذكر به إتماما للفائدة، أن الدعوة التي تصل إلى قوم ما بالطريقة الأخرى ليس بطريقة الرسول مباشرة يجب أن تكون هذه الدعوة قد بلغتهم صافية نقية ، لا تغيير فيها و لا تبديل ولا تحوير ، لأنها في هذه الحالة إذا بلغتهم كذلك يكون بلوغ الدعوة إليهم بواسطة الأتباع ، كما لو كانت وصلت إليهم بواسطة الرسول مباشرة . أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك أي أن قوما ما أو ناسا ما بلغتهم دعوة الإسلام محرفة مغيرة مبدلة وبخاصة ما كان منها متعلقابأصولها وفي عقيدتها، فهؤلاء الناس أنا أول من يقول إنهم لم تبلغهم الدعوة ولأن المقصود ببلوغ الدعوة على صفائها و بياضها ونقائها أما والفرض الآن أنها بلغتهم مغيرة مبدلة فهؤلاء لم تبلغهم الدعوة وبالتالي لم تقم حجة الله تبارك وتعالى عليهم ، هذا الذي أردت أن أضيفه إلى ما سبق من البيان لتتم الفائدة إنشاء الله
س: حكم الأموات الذين ماتوا على دعاء الأموات ، إذا كانوا يعتقدون في هؤلاء الأموات أنهم ينفعون ويضرون ، ولكنهم لا يعرفون حقيقة التوحيد ، ولكنهم عرفوا هذا من علمائهم المنحرفين ؟
ج : قلت أن هؤلاء ما داموا يحافظون على أركان الإسلام ، لكن فيهم جهل، والمسئول عنهم هؤلاء الجهلة من أهل العلم الذين هم يضللونهم، فهؤلاء الذين ماتوا فالأصل فيهم أنهم مسلمون فيعاملون معاملة المسلمين، وهم يدفنون في مقابر المسلمين، فبالتالي إذا مر المار بقبورهم يقول ) السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين ( يترحم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة ، ثم أمرهم إلى الله تبارك وتعالى لأن الله عز وجل يقول ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (ثم لا يؤاخذ المشرك إلا بعد أن تكون قد بلغته الدعوة(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) وربنا عز وجل فضله ورحمته بعباده أنه يقبل عذر العبد ، فإذا كان أحد هؤلاء المسلمين الخرافيين- فلنسميهم- إذا كان أحد هؤلاء الخرافيين من المسلمين ضل سواء السبيل . ولم يكن هناك من ينبهه ويحذره وينهاه عن ضلاله، فهو يكون معذورا عند ربه تبارك وتعالى ، ولا يؤاخذه مؤاخذة الذي أقيمت الحجة عليه ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) لقد جاء في صحيح البخاري ومسلم حديث عجيب جدا ، يدل على واسع رحمة الله بعباده ، بحيث أنه يغفر الكفر أحيانا بعلمه بعذر هذا الكافر، قال عليه الصلاة والسلام ) كان فيمن قبلكم رجل لم يعمل خيرا قط ( الحديث في صحيح البخاري و مسلم إياكم أن تشكوا في صحته كان فيمن قبلكم رجل لم يعمل خيرا قط فلما حضرته الوفاة جمع أولاده ، فقال لهم: أي أب كنت لكم ؟ قالوا خير أب . ـ وهنا الآن الغرابة تأتي ـ لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا هذا شك في البعث ، يقول ولئن قدر الله علي كأنه يشك في قدرة الله ولئن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا إذن كيف يتخلص هو من عذاب الله الشديد ، المعترف بأنه هو له لائق قال فإذا أنا مت فخذوني وحرقوني بالنار ليضل عن ربه زعم ثم خذوني وذروني ،نصفي في الريح ونصفي في البحر شوف ! أوحى له الشيطان ، الله أكبر ، فلما مات الرجل و الأولاد أبرار وهذا وصية أبيهم وهو كما اعترفوا كان خير أب لهم . نفذوا وصيته فحرقوه بالنار حتى صار رميما ، صار رمادا فأخذوا نصف هذا الرماد فرموه في الريح الهائج راحت بددا والنصف الثاني في البحر المائج وراحت مع هذه الأمواج فقال الله لهذه الذرات كوني فلانا فكان بشرا سويا أي عبدي ما حملك على ما فعلت قال ربي خشيتك أنا خفت منك أنا مستحق لهذا العذاب فخوفا منك، لأضل عنك فعلت ما فعلت قال اذهب فقد غفرت لك هذا كفر هذا شرك وهذا صريح القرآن ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل شيء عليم ) لكن يبدو أن هذا الرجل طيلة حياته كان مؤمنا، لكن ساعة احتضار الموت واستحضاره لذنوبه ومعاصيه غلبت عليه خشيته من الله فأعمت عليه الطريق وسولت له نفسه هذه الوصية الجائرة ، التي لا أتصور أن يوجد في الدنيا أجرأ منها وأفضع منها مع ذلك غفرها الله عز وجل لهذا الإنسان فنحن إذا تصورنا هؤلاء المساكين الضالين من إخواننا المسلمين بسبب علماء السوء يقعون في الشرك وفي الضلال يستغيثون بغير الله و ينادون الأموات وهم لا يسمعون وبينهم برزخ إلى يوم يبعثون فالله عز وجل إذا علم من أحدهم أنه لم تتبين له الحقيقة وأن هذا شرك وضلال . بل لم يوجد من يقول لهم يوما ما (( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون )).فاعتقادنا أن الله عز وجل لا يؤاخذ الإنسان إلا بعد قيام الحجة فمن علم من هؤلاء الموتى - نحن لا نعلم- من علم الله من هؤلاء الموتى أنه سمع دعوة الحق من الشيخ الفلاني في أن هذا شرك وضلال . فما أبه لذلك ولا اهتم. لأنه الشيخ الضال هناك سول له عمله فهذا إلى جهنم و بئس المصير أما الذي لم يقيض له من ينبهه فهو معذور عند الله . فلما كنا نحن عاجزين عن أن نميز من الذي بلغته الدعوة الصحيحة عن الذي لم تبلغه الدعوة الصحيحة . فنحن لنا الظاهر وهو مسلم كان يصلي ويصوم فنحن في مقابر المسلمين فنحن ندعو له ونستغفر له ونسلم عليه أما ما حاله عند الله فأمره إلى الله .
س : هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟
ج : إنه قد يعذر وقد لا يعذر ، إذا كان الجاهل يعيش في بلاد إسلامية يغلب عليها العلم بالإسلام ، وخاصة بعقائده ، وبصورة أخص ما يتعلق منها بالتوحيد . فهنا لا يعذر هذا الإنسان بجهله لأنه يعيش في جو إسلامي يفترض أن يكون قد عرف من الجو الصالح الذي يعيش فيه العقيدة الصحيحة، وهذا بلا شك أيضا يستطيع الإنسان أن يتصور صورا متعددة، جو إسلامي والحمد لله أن البلاد السعودية لا تزال من حيث صلاح عقيدتها هي في القمة ، ولكن يقصدها كثير من المسلمين العرب أو العجم لقضاء مصالحهم. وأحيانا عبادتهم من الحج أو العمرة . فقد يكون الواحد منهم أقام في هذه البلاد مدة من الزمن لم يتمكن في هذه المدة لقصرها أن يتعرف على عقيدة التوحيد مثلا، فهو لا يزال يحمل في أفكاره بعض الانحرافات عن التوحيد الصحيح ، فهذا برغم أنه أقام في جو إسلامي وتوحيده صحيح، لا يمكن أن يقاس به من ولد في هذه البلاد وعاش فيها وترعرع ونشأ وتعلم ،فهناك فرق كبير بين الأول وبين الثاني ، ولذلك إذا أخذنا هذا الفعل الأول . أي البلد الإسلامي الصحيح توحيده وعقيدته . ثم قابلناه ببلد آخر ليس بلدا إسلاميا كالمسلمين الذين يسلمون في بلاد الكفر كأوروبا مثلا أو أمريكا أو نحو ذلك. فهؤلاء إذا لم يفهموا بعض العقائد الإسلامية على وجهها الصحيح ، هؤلاء يعذرون، لأنهم لا يجدون الجو الذي يعطيهم المعنى الذي أشرت أنت إليه آنفا بقولك صار من المعلوم من الدين بالضرورة هذا إنما يصح في المجتمع الأول. وبالتفصيل الذي ذكرته ، من نشأ وترعرع فيه ، وليس بالنسبة لمن طرأ حالا في مدة قصيرة من الزمن
ثم نأخذ مثلا كالبلاد المصرية ، حيث يوجد فيها مشايخ وعلماء الأزهر وما أدراك ما علماء الأزهر من حيث الأزهر الشريف وهو إلى آخره . ومع ذلك فتجد هناك الشرك ضارب أطنابه في الأزهر وفي المساجد مسجد الحسين وغيره ، فيعيش المصري هناك هناك مسكينا ، ولا يسمع صوت التوحيد إطلاقا ، هذا ليس كهذا الذي عاش في المجتمع الأول ولذلك فمن الخطورة بمكان مع استحضارنا لهذا التفصيل وما أشير إليه مما لم يذكر من الخطورة بمكان أن يقال بأن الجاهل لا يعذر، لأنه يعيش في بلد إسلامي ، يشترط في هذا البلد الإسلامي أن تكون عقائده مشهورة وكما قلت : معلوم من الدين بالضرورة ، لنفترض كما قلنا آنفا رجل إفرنسي أو ألماني أسلم ، ما الذي دفعه إلى الإسلام . شيء من عظمة الإسلام، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكن يا ترى هل مجرد أن أعلن إسلامه وعودي من قومه عرف الإسلام بتفاصيله ، طبعا !الجواب : لا ، فقد يكون يعيش هو وزوجته ، وزوجته لا تزال سافرة متبرجة كما كان قبل إسلامه وكما كانت هي قبل إسلامها ، ويعيشون مع بعضهم البعض أشقاء إخوة وتظهر أمامه كما تظهر ، أما زوجها ، هل يعذر أم لا يعذر، لأنه حديث عهد بالإسلام ولذلك نجد في بعض الأحاديث . ما يمكن اتخاذه حجة، في أن القول بأن الجاهل لا يعذر ، قول مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية ، ماذا نقول اليوم لو أن مسلما في بلاد الإسلام ، صاح في صلاته بأعلى صوته واستمر في صلاته ولم يعد الصلاة ، صلاته صحيحة أو باطلة ؟ صلاته باطلة ، لكن الرسول ما أبطل صلاة من صاح في صلاته لأنه أعذره بجهله وما ذاك إلا لأنه كان حديث عهد بالإسلام ، وعلى ذلك تقاس هذه المسألة الحساسة، فلا يقال مطلقا الجاهل يعذر ولا يقال مطلقا الجاهل لا يعذر وإنما المسألة تتحمل تفاصيل كثيرة ذكرت آنفا بعضها ، أنا أشرت في مثالي الأخير إلى قصة معاوية ابن الحكم السلمي رضي الله عنه ، وهو بداهة غير معاوية بن أبي سفيان الأموي ، فقد حدث كما جاء في موطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد وصحيح الإمام مسلم بالسند الصحيح عنه أنه صلى ذات يوم وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فعطس رجل بجانبه فقال له وهو في الصف في الصلاة : يرحمك الله ، فنظروا إليه بأطراف أعينهم تسكيتا له ، فعظم عليه هذا الأمر. فصاح بأعلى صوته وهو يصلي : واثكل أمياه ! ما لكم تنظرون إلي ، فما كان ممن حوله إلا أن أخذوا ضربا على أفخاذهم تسكيتا له يبدوان الرجل تنبه ولو بعد دئب ، لأنه أخطا فيما فعل من الكلام والصياح، ولذلك لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، أقبل إلي تصوروا نفسية هذا الإنسان : تصوروا مصليا في هذا الزمان لو فعل مثل ذاك الإنسان وجاء الإمام إليه، ماذا تتصوروا، سيشتمه ويسبه إن لم يضربه كان معاوية هذا رضي الله عنه تصورشيئا من ذلك. لما رأى الرسول مقبلا عليه، تلكن خاب تصوره، لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) قال : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إلي ، والله ! ما قهرني ولا كرهني ولا ضربني ولا شتمني . وإنما قال لي إن هذه الصلاة ، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن انتهت قصة الرجل إلى هنا ولكن يبدوا من ناحية النفس أنه لما رأى هذا اللطف النبوي ، شجعه بأن يتعلم لأنه عرف أنه جاهل ، يصيح في الصلاة بما سمعتم ويقول الرسول لأنه لا يصلح شيء من كلام الناس ، وإنما هو تسبيح وتكبير وتحميد وتلاوة القرآن فتشجع على أن يوجه للنبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسئلة فأخذ يكر بهذه الأسئلة ، سؤال بعد سؤال ، كان مما جاء ذكره في هذا الحديث ، أن قال يا رسول الله ( إن منا أقواما يتطيرون) قال :فلا يصدنكم قال : إن منا أقواما يخطون بالرمل فقال عليه الصلاة والسلام ((قد كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه خطه فذاك قال يا رسول الله )) إن لي جارية ترعى لي غنما في أحد . فشطى الذئب يوما على غنمي وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة وعلي عتق رقبة، فقال عليه السلام ) آتيها ( قال لها عليه الصلاة والسلام أين الله قالت في السماء ) قال لها من أنا قالت : ( أنت رسول الله ) . فالتفت إلى سيدها وقال له اعتقها فإنها مؤمنة الآن لو وجه هذا السؤال النبوي إلى بعض شيوخ الأزهر أين الله، لأقام نكيرا عليك ، فضلا عن أنه لا يحسن جواب الجارية ، لا يقول لك الله في السماء ، وإن كان عنده شيء من العلم ، سيحاول أن يطعن في صحة هذا الحديث، وإن سلم بصحته ، فسيعلل جواب الجارية بتعليلات تعود بالطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام من حيث هو لا يدري ولا يشعر ولا أرى الآن ضرورة أن أخوض في تفصيل هذا الكلام ، وإنما حسبي أن أربط هذا الكلام بما سبق إذا كان بعض شيوخ الأزهر وهم الكثرة الكاثرة في مصر مثلا لا يتبنون العقيدة السلفية التي صرحت بها الآيات الكريمة وتتابعت عليها الأحاديث النبوية الصحيحة ، لا يكون إلا الله عز وجل له صفة العلو وماذا يكون عقيدة عامة الشعب المصري ، أيعتقد كما تعتقد هذه الجارية ، والشيوخ بالأزهر لا يعتقدونها . إذا ينبغي أن نقول ان هؤلاء العامة في مصر وفي أمثالها من البلاد الأخرى ، سواء ما كان منها بلاد عربية أو أعجمية، فالشعب هنا وهناك معذور ، لأنه لا يعيش في ذلك الجو الإسلامي، الذي منه تعلمت الجارية تلك العقيدة الصحيحة،من أين للجارية وهي راعية غنم أن تعرف هذه العقيدة التي لا يعرفها علماء الأزهر ، من جو الصحابة : سيدها وسيدتها وما حولها من الناس كلهم يدينون دينا واحدا، ويتبنون عقيدة واحدة ، فعرفت هذه العقيدة من المجتمع الذي عاشته ، وربما تكون قد قرأت واتبعت سنة الرسول عليه السلام في قراءة سورة تبارك ، التي يسن للمسلم أن يقرأها في كل ليلة قبل أن يضطجع أو ينام ، وفيها يقول ربنا تبارك وتعالى (( أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور،أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير )) فإذا هذه الجارية ، وفي بعض الروايات الضعيفة أنها أعجمية ، تلقت هذه العقيدة الصحيحة من الجو الذي كانت تعيش فيه، فسلمت عقيدتها ، أما الجو المصري وجو البلاد الأعجمية الأخرى الموبوء ولا يجد العقيدة الصحيحة ، أنا في اعتقادي يكونون معذورين كل العذر
س: الحكم على المعين بالتكفير لمن يكون أهو للعلماء أم لغيرهم ؟ وما هي شروطه وما هي موانعه ؟
ج : أولا بلا شك هذا الحكم يكون لأهل العلم ، وليس لأهل الجهل .
وثانيا : بعد تلك الكلمة التي كان فيها شيء من الطول وفرقنا بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي فالعالم الذي ليس لأحد سواه أن يتولى إصدار الحكم بتكفير مسلم . لاشك أنه سيكون مستحضرا لقسمي الكفر الكفر الاعتقادي والكفر العملي فقبل أن يصدر حكمه بالكفر الاعتقادي يجب أن يدرس المسألة المتعلقة بالذي يراد تكفيره على ضوء ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ))هذه الآية مهمة جدا ، ذلك لأن المسلم حقا ، قد يخفى عليه حكم ما . فيقع في الكفر المخرج عن الملة لكن هو لا يدري ولا يشعر . ولذلك فلا يجوز أن نحكم على مسلم بعينه أنه كفر ولو كان وقع في الكفر ، كفر ردة إلا بعد إقامة الحجة عليه لأن ( لله الحجة البالغة )( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وهنا يحسن بي أن أذكر بحديث رغم كونه مرويا في أصح الكتب بعد كتاب الله وهو صحيح البخاري ، مع ذلك فقل ما تسمع هذا الحديث من عالم أو واعظ أو مرشد مع أن له صلة قوية جدا جدا بمثل هذا السؤال أعني بهذا الحديث قوله عليه السلام كان فيمن قبلكم رجل حضرته الوفاة فجمع أولاده حوله ، فقال لهم : أي أب كنت لكم ، قالوا خير أب . قال : فإني مذنب مع ربي، و لإن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا كفر هذا أو ليس بكفر ، كفر لأنه شك في قدرة الله عز وجل ، يصدق عليه قوله تعالى في آخر سورة يس ((وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم)) هذا الرجل قال ولإن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا فإذا مت فخذوني وحرقوني في النار ثم اجعلوني قسمين قسم ذروه في الريح وقسم في البحرلماذا ؟ واضح حتى يضل على ربه زعم . فحرقوه في النار ونصف من رماده ذروه في الريح والآخر في البحر فقال الله عز وجل لذراته كوني فلانا فكانت بشرا سويا قال الله عز وجل أي عبدي : ما حملك على ما فعلت قال : يا ربي خشيتك قال اذهب فقد غفرت لك فنحن يجب علينا أن نلاحظ هذا الذي نريد أن نصدر الحكم بالكفر عليه ، لعله معذور ، لعله معذور فنحاول إذا قبل إصدار هذا الحكم أن نلتمس لكفره عذرا. لا لنقره على كفره. وإنما لننقذ أنفسنا من تكفيره ، أظن في فرق كبير بين الأمرين تعلمون إنشاء الله أن هناك قاعدة شرعية ( من ابتلي بشيء من هذه المعاصي فليستتر ) ومن تمام تطبيقها ،أنه إذا جاء مسلم معترفا بأنه ارتكب حدا فيريد أن يطهر نفسه بإقامة الحد عليه ، أنه يلقن عدم الاعتراف بالحد . أليس كذلك ؟ إذا جاء الجاني المرتكب، الزاني ،السارق يطلب إقامة الحد لتطهيره، أنه يلقن أن لا يعترف و أكبر مثال على ذلك قصة ماعز جاءه عن اليمين قال يا رسول الله طهرني أدار وجهه عنه ، جاءه من الجهة الأخرى يا رسول الله طهرني. ايش معنى هذا الكلام ، لسان الحال أنطق من لسان المقال ، ولي وجهك عني ، روح عني ، لا أريد أن أقيم الحد لعلك ولعلك وهذا شيء من تمام الحديث كما تعرفون. قال يا رسول الله : طهرني ، قال استنكفوه شوفو ليكون شربان ليكون يهرف بما لا يعرف ، استنكفوه ما فيه شيء ارجموه فرجموه ، إذا هذه الوسائل كلها لإبعاد إقامة الحد . ترى إقامة الحد عليه ينفعه أم يضره ؟ ينفعه ، لكن اتهام مسلم بالكفر لا ينفعه يضره مثل ما يقول المثل السوري : (نكايا بالطهارة شخ في الباس مفهوم هذا الكلام عندكم فهو لما يسمع الحكم الشديد عليه وهذا نشاهده مع الأسف مع بعض الناس الذين يعبدون الله على حرف ما يكاد يسمع كلمة فيها شيء من الشدة والقسوة . إلا بيمكر كالبغل الشموس، فإذا هلبدو يصدر الحكم في تكفير مسلم أولا: يجب أن يكون عالما. وثانيا يجب أن يكون متئدا يدرس موضوع هذا الإنسان من كل الجوانب ، ثم هناك القول الذي يقوله بعض الفقهاء المتأخرين: انه إذا كان هناك مئة شهادة في هذا الإنسان تسع وتسعون أنه كفر بما فعل أو بما قال. وواحد يقول لا : هذا ليس كفرا يقولون احتياطا يؤخذ بهذا القول . ويترك التسع والتسعون قولا . فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أمة الوسط .
س: هل هناك فرق في الشريعة في مسألة الإنذار أو قيام الحجة ،وبين قيام الحجة وفهمها ،حتى يعني تكون سبب من أسباب قيام حجة الله على عباده ؟
ج: هل تقصد فهمها أو إفهامها قال السائل : فهمها يعني فيه فرق، فلو كان رجلا مجنونا أو كان رجل أعجمي لا يفقه اللغة العربية ، أوأو،احتمالات كثيرة ربما نضطر إلى أن نذكر شيئا منه ، أولا: هل تكون الحجة قائمة ؟ طبعا لا. جوابي هذا على سؤالك هذا ، يذكرني بمناقشة جرت في مجلس لأول مرة حينما كنت جئت للتدريس في الجامعة الإسلامية ، وقبل أن تفتح أبواب الدراسة اجتمعنا في مجلس في سهرة مع بعض أهل العلم والفضل ، فؤثير هذا الموضوع فقال بعضهم بأن دعوة الإسلام الآن بلغت كل بلاد الدنيا وأتبع كلامه بقوله أي : القرآن والحمد لله يذاع من كل البلاد الإسلامية ، إلى كل أقطار الدنيا ، وأنا أجبت بما خلاصته ، يا أستاذ أنت تقول القرآن و أنا أقول معك كما قلت ، لكن العرب كشعب أو كأمة فيهم الآن من لا يفهم القرآن ، فكيف تريد من الأعجام ، الألمان والبريطان و الأمريكان ، أن يفهموا القرآن بلغة القرآن، وغير مترجم إلى لغتهم على الأقل كيف تقوم الحجة على هؤلاء . بأن يسمعوا القرآن يتلى بلغة القرآن ، هذا لا يعني أنه قد أقيمت الحجة عليهم،
ولذلك فأنا أقول : لا بد من أن يفهم الذي بلغته الحجة، أن يفهمها ، وأنا أضيف شيئا آخر . ليس كل من ينقل الحجة يحسن نقلها ولذلك فقيام الحجة على شخص ما ، ليس من السهل نحن أن نقول : أقيمت الحجة على فلان ، ولذلك أنا كثيرا ما أعترض على بعض إخواننا المبتدئين في طلب العلم والسالكين معنا في هذا الدرب، من الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح والمتحمسين ، فيقول أحدهم : أنا البارحة اجتمعت مع الشيخ فلان أو الدكتور الفلاني ، وناقشته في مسألة الاستغاثة بغير الله أو التوسل أو ما شابه ذلك وقلت : هذا لا يجوز و هذا حرام وهذا شرك وإلى آخره ، وهو يصلي بنا إماما، فأنا أقمت الحجة عليه ، فهل تجوز صلاتي خلفه ؟ أنا أقول أنت كيف تتصور أنك أقمت الحجة عليه ، وأنت بعد لا تزال في التعبير السوري في الرقراق، يعني في الضحضاح يعني في أول العلم ، ما ينبغي أن نتصور أن كل طالب علم يستطيع أن يقيم الحجة على المسلم الضال ، فضلا عن الكافر المشرك ، لكن كل إنسان مكلف أن يبلغ ما يستطيع ، أما هل قامت الحجة عليه أو لم تقم ، هذا علمه عند ربي ، ولذلك أنا ما أتصور أن كل شخص أفهم الحجة ، وبالتالي قامت عليه الحجة ، لكن أنا أقول من علم الله عز وجل منه أنه قامت الحجة عليه ، و تبينت له وجحدها ، فهو الذي يحكم عليه بالنار يوم القيامة ، ولذلك كما تعلمون جميعا ، أن الكفر مشتق من معنى التغطية فيعني حينما نقول فلان كافر ،يعني تبين له الحق ثم حاد عنه ، ولذلك قال تعالى ( وجحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ) فأي كافر بلغته حجة الله عز و جل وفهمها جيدا ثم جحد ، فهذا الذي يعذب ، ولذلك ربنا عز وجل وصف بعض أهل الكتاب بقوله ويعني نبيه عليه السلام يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فهم يعرفون أن محمدا عليه السلام رسول وصادق ومبعوث إلى الناس كافة ، وليس إلى العرب فقط كما قالت بعض الطوائف من اليهود ، لا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، لكن مع ذلك تعصبوا لمن كانوا ينتظرونه أن يبعث منهم وفيهم، هذا هو الذي أعتقده بالنسبة لسؤالك المذكور آنفا.
س: في آيات من القرآن تبين أن الله تبارك وتعالى يجعل بين الكافرين والقرآن حجابا ولا يفقهون ما يقول تبارك وتعالى ، كما يقول تعالى (( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا)) هل عندما يكون الإعراض عن سماع الدين وفهمه وفهم الحجة ، الإعراض عندما يكون سبب عن فهمه للحجة فبالتالي تكون الحجةقائمة في مثل هذه الأدلة ،وإن لم يفهمها ، لكن قيام الحجة هنا بسبب الإعراض؟
ج: أولا : هذا الجعل هو جعل شرعي ، وليس كونيا ، لعل هذا التفريق واضح عندك ، يعني هذا الجعل سبب هو كفر هذا الإنسان ، والسعي إلى الكفر ، عدم فتح قلبه للحق فيما إذا جاءه ، وأضرب الآن أنا لك مثلا ، بعد ذلك التفصيل الذي ذكرته آنفا ، أن المفروض أن المنذر أو المبلغ أن تقوم الحجة عليه فيما إذا فهمها ، نحن لماذا قلنا هذا ،لأننا أمة خاتم الأنبياء والرسل، فليس بعده من رسول ، إذن فمن الذي يبلغ الدعوة؟ هم أتباع هذا الرسول، أتباع هذا الرسول كما شرحنا آنفا، فيهم طلبة علم ومبتدئين وهو و هو إلى آخره الآن سؤالك السابق أصوره بصورة ضيقة جدا ،هل يمكن أن نتصور رسولا، بل أن نتصور نبيا بلغ قومه شريعة الله عز وجل ، وكما قال عز وجل (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) مع ذلك نتصور إنسانا عاديا، ولم يفهم الحجة من ذاك النبي هل يمكن هذا ؟ إذن حجة الله بطبيعتها أن تكون قائمة على كل إنسان ، لكني أنا وضعت قيدا ،إنسان طبيعي ، أعني غير مصاب بآفة من آفات الجنون أو الغيبوبة عن الفهم وهو هو إلى آخره ، فأي قوم و أي فرد سليم الفهم والعقل ، قامت حجة الله عليه ، لاشك أنه فهمها ، لكننا نحن الآن لا نستطيع أن نقول إننا بمنزلة الرسول بل النبي في أننا نحسن إقامة الحجة على أي طائفة أو جماعة أو فرد ، فمن هنا إذن نحن لا نستطيع أن نتصور كما قلت آنفا أن حجة الله قامت على كل من نقلت إليه الحجة ، لاحتمال أن النقل لم يكن سليما أو كان ناقصا ، والأمثلة الآن كثيرة وكثيرة جدا، الآن كل إخواننا الحاضرين يعلمون أن هناك جماعات منحرفة عن الإسلام ،كلا أو بعضا أو جزءا، يدعون إلى الإسلام بنشاط حتى يدخل اليهود والنصارى في إسلامهم ، ولا أقول في الإسلام ، كالقاديانية مثلا ،فهؤلاء يبلغونهم الإسلام بمفهومهم المنحرف عن الإسلام الصحيح . فهم مثلا يبلغونهم أن الرسول عليه السلام ليس خاتم الأنبياء بالمعنى المفهوم عند أهل السنة . وإنما هو بالمعنى المفهوم عند القاديانية ، خاتم الأنبياء يعني زينة الأنبياء . أما فيه أنبياء بعد الرسول عليه السلام ، وقد جاء أحدهم بزعمهم وهو ميرزا غلام أحمد القادياني ، وسيأتي آخرون أيضا في زعمهم. فهذا النصراني الذي أسلم وهو يحمل هذه العقيدة هذا ليس مسلما ، بالمعنى الصحيح ، لأن الحجة لم تقدم إليه بالمفهوم الصحيح ، لمثل قوله تعالى (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) و الحديث المتواتر أيضا معناه : لكن لا نبي بعدي ، كذلك هم مثلا ينكرون كثيرا من الأخبار الغيبية ، كمثل مثلا : الجن كخلق من خلق الله كالملائكة . فهم ينكرون أن يكون هناك يعني ناس خلق من خلق الله، مكلفون كالإنس بالطاعة ومنهيون عن المعصية هم الجن ، لينكرون هذه الحقائق كلها ، لكن هؤلاء يدعون إلى الإسلام ، يدعون لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويؤمنون بأركان الإسلام الخمسة . وهو هو إلى آخره ، لكن إسلامهم ليس صحيحا ، فإذن أولئك الذين يدعون من قبل القاديانيين لم تقم حجة الله عليهم بالإسلام الصحيح ، ولذلك أنا ما أتصور هؤلاء يوم القيامة يقال لهم، لم قلتم بأنه هناك أنبياء بعدي و القرآن يقول كذا لأنهم أعاجم لا يفهمون القرآن . ترجم لهم القرآن بمعنى خطأ، وهكذا .
9العلامة الفقيه عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله:
س: إن رأيت أحداً يدعو صاحب القبر ويستغيث به , فهو مصاب بالشرك فهل أدعوه على أنه مسلم , أم أدعوه على أنه مشرك , إذا أردت أن أدعوه إلى الله عز وجل , وأن أبين له ؟
ج: ادعه بعبارة أخرى , لا هذه ولا هذه , قل له : يا فلان يا عبد الله عملك هذا الذي فعلته شرك ,وليس عبادة هو عمل المشركين الجاهلين , عمل قريش وأشباه قريش ؛لأن هنا مانعاً من تكفيره ؛ ولأن فيه تنفيره أول ما تدعوه ؛ولأن تكفير المعين غير العمل الذي هو شرك , فالعمل شرك , ولا يكون العامل مشركاً , فقد يكون المانع من تكفيره جهله أو عدم بصيرته على حد قول العلماء وأيضاً في دعوته بالشرك تنفير , فتدعوه باسمه , ثم تبين له أن هذا العمل شرك
س : ما الراجح في تكفير المعين ؟
ج: إذا قامت عليه الأدلة والحجة الدالة على كفره , ووضح له السبيل ثم أصر فهو كافر لكن بعض العلماء يرى أن من وقعت عنده بعض الأشياء الشركية وقد يكون ملبساً عليه وقد يكون جاهلاً , ولا يعرف الحقيقة فلا يكفره ,حتى يبين له ويرشده إلى أن هذا كفر وضلال , وأن هذا عمل المشركين الأولين وإذا أصر بعد البيان يحكم عليه بكفر معين . اهـ
10العلامة الفقيه الأصولي محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قال – رحمه الله- : أتعجب! كيف تشكل عليكم مسألة العذر بالجهل في الكفر! وهل هناك خلاف
فأنا أتعجب من كونكم لم تستوعبوا هذه المسألة! نعم بعض العلماء قال بذلك لكنه قول ضعيف , الأئمة على خلافه ،على خلاف القول بأن الإنسان لا يعذر بالجهل في الكفر) .(فالحكم عند الله واحد إذا ترك الصلاة جهلاً فهو معذور وإذا سجد للصنم جهلاً كيف لا يعذر ؟!
وقال أيضا -رحمه الله:
يبدو لي أنها لا زالت مسألة التكفير بالجهل ما زالت مشكلة عليكم ولكني أتعجب!كيف تشكل عليكم هذه المسألة ؟ما الذي جعلها تشكل من بين سائر أركان الإسلام وشروطه وواجبات الإسلام ؟
إذا كان الرجل يعذر في ترك الصلاة وهي ركن من أركان الإسلام ومن أعظم أركانه مثل أن يكون ناشئا في بادية بعيدة عن المدن وعن العلم ولا يدري أنها واجبة فإنه يعذر بذلك ولا يطلب منه القضاء .
وإذا كان الجهل بالشرك لا يعذر به الإنسان فلماذا أرسلت الرسل تدعوا قومها إلى توحيد الله ؟
لأنهم إذا كانوا لا يعذرون بالجهل معناه أنهم عالمون به فلماذا ترسل الرسل ؟كل رسول يقول لقومه {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }.
{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}
فإذا كان الإنسان ينتسب للإسلام ويفعل شيئاً ، كفراً، شركاً ، ولكن لا يعلم أنه شرك ولم ينبه لذلك فكيف نقول هل نحن أعلم بهذا الحكم من الله ؟وهل نحول بين العباد وبين رحمة الله ؟
ونقول في هذه المسألة سبق غضبه رحمته هذه المسألة يا إخواني ماهي عقلية الكفر والتفسيق والتبديع حكم شرعي يتلقى من الشرع فإذا كان الله يقول : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى } ويقول الله عز وجل { وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون }ويقول : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }رسولا ايش يبين ويدعو للتوحيد فإذا ارتفع العذاب هذا هو العذر والآيات في هذا كثيرة .والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (( والذي نفسي بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان في النار )) .لا يسمع بي ؛ إذن إذا لم يسمع ؟لم يكن من أصحاب النار.والشواهد على هذا كثيرة .نعم بعض العلماء قال بذلك لكنه قول ضعيف , الأئمة على خلافه .على خلاف القول بأن الإنسان لا يعذر بالجهل في الكفر .
فكلام شيخ الإسلام رحمه الله مملوء بذلك أنه لا يكفر وكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيضاً أنه لا يُكّفِر الجاهل .وأنا الآن أتلو عليكم من كلام نقلته أمكنني أن أنقله , أما كلام شيخ الإسلام كثير ما يمكن نقله ولكن الفتاوى أرجعوا لها مملؤة بذلك ,فالحكم عند الله واحد إذا ترك الصلاة جهلاً فهو معذور
وإذا سجد للصنم جهلاً كيف لا يعذر ؟!أي فرق ؟وما دعوى من ادعى أن الله أخذ العهد والميثاق علينا ونحن أمثال الذر بناء على صحة الحديث بذلك , فنحن لا نعرف هذا الميثاق وكيف نكلف بما لا نعرفه ؟
ولو كان هذا حجة ما احتيج إلى أن ترسل الرسل لدعوة الناس إلى عبادة الله لإنه قد قامت الحجة من قبل فأنا أتعجب من كونكم لم تستوعبوا هذه المسألة!وهي مسألة لا فرق بينها وبين غيرها .
ومن قال إن تارك الأصول يكفر وتارك الفروع لا يكفر تحداهم شيخ الإسلام بينوا لنا ماهي الأصول والفروع ؟ ومن الذي قسم الدين إلى أصول وفروع ؟إلا أهل الكلام ؛ فهم يجعلون مثلاً المسائل العظيمة فروعاً لأنها عملية كالصلاة مثلاً مع أنها أصل من أصول الإسلام ، ويجعلون بعض المسائل الخبرية التي اختلف فيها أهل السنة يجعلونها من الأصول وهي محل خلاف .فالمهم أن هذه المسائل يجب أننا نتحرى فيها خصوصاً مسألة التكفير ، لا نكفر عباد الله بما لم يكفرهم الله به .أما ما نقلته عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فها أنا اتلوه عليكم.
أولا يقول - رحمه الله - في كتاب وجهه إلى من يصل إليه من المسلمين يعني نصيحة عامة Sad(أخبركم أني - ولله الحمد - عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين -ثم مضى يقول -...وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله )) مجلد1 ص53وفي صفحة 56 في كتاب كتبه إلى عالم من علماء العراق (( وما ذكرت أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني وازعم أن أنكحتهم غير صحيحة فيا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل وهل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون ؟ - إلى أن قال - وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسل ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفره وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك))].وفي صفحة 65 في جواب سؤال (( ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان ، وأيضاً نكفره بعد التعريف إذا عرف فأنكر
ثم مضى يقول ص66 ((...وأما الكذب والبهتان: أنّا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وأنّا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه. فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به عن دين الله ورسوله وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا )) .صحيح هذا وإلا لا ؟الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا ؟!
شيخ الإسلام أيضاً له كلام أبين من هذا وأكثر وأعظم في أنه لا بد من قيام الحجة ، والله عز وجل رحمته سبقت غضبه كيف يؤاخِذ من لم يعرف ؟!رجل يظن أن عبادة هذا الولي قربة وهو مسلم يقول أنا أدين بدين الإسلام .دعونا من الإنسان الذي لم يدخل في دين الإسلام وهو يدين بدين آخر هذ شيء آخر , هذا حكمه حكم أهل الفترة .لكن رجل يدين بالإسلام يصلي ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصوم ويحج لكن يعبد الصنم ولم يأته أحد يقول له أن هذا شرك ، هذا جهل أما الإنسان الذي لم يدخل في الإسلام ويعرف من الإسلام شيء وهو على دين آخر هذا لاشك أنه كافر ، أو إنسان لم يدخل في الإسلام على دين قومه وهو لا يعرف عن الإسلام شيئا ولا ينتمي للإسلام في مجاهيل الدنيا هذا حكمه على القول الراجح حكم أهل الفترة وأنه يكلف يوم القيامة بما شاء الله , ثم ينظر سبيله هذا ما أحببت أن أُبينه في هذه المسألة وأن المدار كله على قيام الحجة {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} , وأي فائدة إذا كان الرسل قد بينوا الحق وأنا لم أعلم به ، أنا ومن لم يأته الرسول على حد سواء .وبناءاً عليه يتبين جواب السؤال الذي ذكره الأخ .
الشيخ : نعم
سائل : حكم الجهال الذين يعيشون في أوساط فيها علماء أهل البدع فيلتبس عليهم ولا يستفيدون من علماء أهل الحق ما يكشف عنهم ذلك؟
الشيخ : إذا كانوا يسمعون من ينادي بالحق فهؤلاء غير معذورين هؤلاء مفرطون ولا نستطيع أن نحكم بكفرهم ولا عدم كفرهم قد نقول إن تفريطهم هذا معصية لأن الواجب انه لما قيل لهم إن هذا شرك وقال لهم من لا يثقون بهم لأنهم سيثقون بعلمائهم أكثر ، الواجب عليهم أن يبحثوا ويتوقفوا فقد يقال إنهم عصوا بعدم البحث وهم باقون على الحكم بما يقتضيه الجه
مدحت كركوكلي
مدحت كركوكلي
مدير الموقع
مدير الموقع

عدد المساهمات : 166
تاريخ التسجيل : 12/12/2009
الموقع : www.mithat.malware-site.www

https://shababkirkuk.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أقوال أهل العلم السلفين القدامى والمعاصرين في مسألة { العذر بالجهل } Empty تكملة

مُساهمة من طرف مدحت كركوكلي الأحد أكتوبر 09, 2011 1:26 am


11العلامة المحدث عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى:
قال حفظه الله تعالى : وقوله: [ومعنى "التحيات": جميع التعظيمات لله ملكاً واستحقاقاً، مثل الانحناء، والركوع، والسجود، والبقاء، والدوام، وجميع ما يعظم به رب العالمين فهو لله، فمن صرف منه شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر].العبادة حق الله كما قال الله عزّ وجلّ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] [الذاريات:56]، وقال:وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ... [النحل:36]، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]، فيجب صرف جميع أنواع العبادة لله، ولا يجوز صرف شيء منها لغيره تعالى، فالصلاة لله، والركوع والسجود لله، والاستغاثة بالله، والدعاء لله والتوكل على الله، والاستعاذة بالله، وهكذا جميع أنواع العبادة لله، قال الله عزّ وجلّ: } قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فهو مشرك كافر، وهذا الحكم إنما هو على الإطلاق وعلى من بلغته الحجة، وأما الشخص المعين فإذا حصل منه صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم، وهو جاهل فإنه يتوقّف في تكفيره حتى يُبَيَّن له وتقام عليه الحجّة، وهذا أحد قولين في المسألة، ذكرهما شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله في جواب سؤال عن بعض أهل البدع، جاء فيه: "كذلك التوسل بالأولياء قسمان: الأول: التوسل بجاه فلان أو حق فلان، هذا بدعة وليس كفراً. التوسل الثاني:هو دعاؤه بقوله: يا سيدي فلان انصرني أو اشف مريضي، هذا هو الشرك الأكبر وهذا يسمونه توسلاً أيضاً، وهذا من عمل الجاهلية، أما الأول فهو بدعة، ومن وسائل الشرك، قيل له: وقولهم: إنما ندعوه لأنه ولي صالح وكل شيء بيد الله وهذا واسطة. قال: هذا عمل المشركين الأولين، فقولهم: مدد يا بدوي، مدد يا حسين، هذا جنس عمل أبي جهل وأشباهه، لأنهم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3]، {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس:18]، هذا الدعاء كفر وشرك بالله عزّ وجلّ، لكن اختلف العلماء هل يكفر صاحبه أم ينتظر حتى تقام عليه الحجّة وحتى يبيّن له، على قولين: أحدهما: أن من قال هذا يكون كافراً كفراً أكبر لأن هذا شرك ظاهر لا تخفى أدلّته، والقول الثاني: أن هؤلاء قد يدخلون في الجهل وعندهم علماء سوء أضلّوهم، فلابد أن يبين لهم الأمر ويوضح لهم الأمر حيث يتضح لهم، فإن الله قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء:15]، فإذا وضح لهم الأمر وقال لهم: هذا لا يجوز، قال الله كذا وقال الرسول كذا، بين لهم الأدلة، ثم أصروا على حالهم، كفروا بهذا، وفي كل حال فالفعل نفسه كفر شرك أكبر، لكن صاحبه هو محل نظر هل يكفر أم يقال: أمره إلى الله، قد يكون من أهل الفترة لأنه ما بيّن له الأمر فيكون حكمه حكم أهل الفترات، أمره إلى الله عزّ وجلّ، لأنه بسبب تلبيس الناس عليه من علماء السوء" انتهى. نقلاً من كتاب "سعة رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين" لسيد بن سعد الدين الغباشي، وفي أول الكتاب رسالة من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله للمؤلف بتاريخ: 7/5/1403هـ، تتضمن إقرار الكتاب والإذن بطبعه.
والقول الثاني من القولين وهو التوقف في التكفير، قرّره كثيرون من العلماء، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الاستغاثة (2/731): "فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحداً من الأموات، لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن لغلبة الجهل، وقلّة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين، لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، مما يخالفه، ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلاّ تفطّن، وقال: هذا أصل الدين، وكان بعض الأكابر من الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول: هذا أعظم ما بينته لنا، لعلمه بأن هذا أصل الدين".وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم". الدرر السنية (1/66)، وقال أيضاً: "بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك". مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (3/34)، وقال أيضاً: "ما ذكر لكم عني أني أكفر بالعموم، فهذا من بهتان الأعداء، وكذلك قولهم: إني أقول: من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي، فهذا أيضاً من البهتان، إنما المراد أتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت، ولكن نكفر من أقرّ بدين الله ورسوله ثم عاداه وصدّ الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس، فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء إلاّ رجلاً معانداً أو جاهلاً". مجموع مؤلفات الشيخ (3/33.
وقال أيضاً: "وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله". مجموع مؤلفات الشيخ (3/14.
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في كتاب "منهاج التأسيس والتقديس ص: 98-99": "والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر،حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر تاركها، قال في بعض رسائله: "وإذا كنا لا نقاتل من يعبد قبّة الكواز، حتى نتقدم بدعوته إلى إخلاص الدين لله، فكيف نكفر من لم يهاجر إلينا وإن كان مؤمناً موحداً". وقال: وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهال، فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور".وقال أيضاً رحمه الله في "مصباح الظلام ص: 499": "فمن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم وترك عبادة الله، وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله، وجعل معه الأنداد والآلهة، والشيخ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا، وشيخنا رحمه الله قد قرّر هذا وبينه وفاقاً لعلماء الأمة واقتداء بهم ولم يكفر إلاّ بعد قيام الحجة وظهور الدليل حتى إنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عباد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه، وهذا هو المراد بقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله: حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا حصل البيان الذي يفهمه المخاطب ويعقله فقد تبين له". وقال أيضاً في "مصباح الظلام ص: 516": "وشيخنا رحمه الله لم يكفر أحدا ابتداء بمجرد فعله وشركه، بل يتوقف في ذلك حتى يعلم قيام الحجة التي يكفر تاركها، وهذا صريح في كلامه في غير موضع، ورسائله في ذلك معروفة".وإنما أفضت بذكر النقول عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في تقرير هذه المسألة، وهي أن تكفير المعين الذي وقع في الشرك في العبادة لجهله، إنما يكون بعد البيان له وإقامة الحجة، لا قبل ذلك، لأن من الجاهلين والحاقدين عليه وعلى دعوته، المبنية على الكتاب والسّنّة، وما كان عليه سلف الأمّة، من يشنع عليه وينفّر من دعوته، برميه بتكفير المسلمين، والتكفير بالعموم، وهو إنما يكفر من قامت عليه الحجة، وبانت له المحجة، ولأن نفراً يسيراً من طلبة العلم من أهل السّنّة فيما علمت يعيبون على من يقرّر ذلك وهو عيب لما قرّره شيخا الإسلام، ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهما من أهل العلم، ومع ذلك فإن الخطأ في العفو في الأمور المشتبهة، خير من الخطأ في العقوبة، وهم في عيبهم القول الذي قرّره الشيخان والحرص على خلافه يفسحون المجال للمتربصين بأهل السّنّة الذين يصطادون في الماء العكر، فيردّدون صدى نعيق أعداء الإسلام والمسلمين، الذين يزعمون أن تطرف من ابتلي بالتفجير والتدمير، راجع إلى دراسة مناهج التعليم المبنية على كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل السّنّة، وهو بهت وزور ممن افتراه أو ردّده، فإن الذين ردّدوا هذا النعيق من أهل هذه البلاد، قد درسوا كما درس غيرهم هذه المناهج، ولم يحصل لهم ضرر منها بل حصل النفع العظيم منها لكل من شاء الله هدايته وتوفيقه، وإنما حصل التطرف من هؤلاء المتطرفين لفهومهم الخاطئة التي شذّوا بها وخرجوا عن جماعة المسلمين، وقدوتهم في ذلك الخوارج شذّوا وخرجوا على الصحابة نتيجة لفهومهم الخاطئة، ولكل قوم وارث، والله المستعان.
وقال أيضا حفظه الله :
وأخرج ابنُ أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى: سمعتُ الشافعيَّ يقول: لله أسماء وصفاتٌ، لا يَسَع أحداً رَدُّها، ومَن خالف بعد ثبوت الحجَّة عليه فقد كفر، وأمَّا قبل قيام الحجة فإنَّه يُعذر بالجهل؛ لأنَّ عِلمَ ذلك لا يُدرَك بالعقل ولا الرؤية والفكر، فنثبتُ هذه الصفات، ونَنفي عنه التشبيهَ، كما نفَى عن نفسه فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ]
12العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله :
سائلٌ آخر يسألُ فيقول: إن بعض الشباب السلفيين كلما ذُكِرَ عندهم الحافظ ابن حجر يقولون إنه اشعريٌ فيريد توضيح عقيدة هذا الإمام توضيحا شافيا وغيره من الأئمة الذين قد زلوا في بعض العقائد، فيطلب السائل إزالة الغبش على حد تعبيره من هذه المسألة؟؟؟
الجواب: الحافظ ابن حجر والإمام النووي والذهبي والبيهقي أحياناً والإمام الشوكاني وغير ذلك من الأئمة الذين خدموا الكتاب والسنة وقعوا في بعض التأويلات، في بعض تأويلات نصوص الصفات، في أمثال هؤلاء يقول شيخ الإسلام: فإذا كان الله يقبل عذر من يجهل تحريم الخمر وربما وجوب الصلاة لكونه عاش بعيداً عن العلم وأهله فهو لم يطلب العلم ولم يطلب الهدى ولم يجتهد، فكون الله يعفو ويسمح فيقبل عذر من اجتهد ليعلم الخير وليعلم الهدى وبذل كل جهوده في ذلك ولكنه لم يدرك كل الإدراك فوقع في أخطاءٍ إما في باب الأسماء والصفات أو في باب العبادة أخطئ أخطاءً بعد أن اجتهد ليعرف الحق، يقول شيخ الإسلام: أمثال هؤلاء أحق بالعفو والرحمة والسماح أو كما قال رحمه الله، وشيخ الإسلام كان يناقش علماء الجهمية جهابذة علماء الجهمية فيقول لهم: لو قلت أنا ما قلتموه أنتم أي لو كنت أنا مكانكم لأكون كافرا ولكنكم معذورون لأنكم جُهَّال، يرى شيخ الإسلام أن الإنسان يُعذر بجهله وخصوصا إذا بذل مجهوده ليعرف الحق ولا فرق عنده وعند غيره من المحققين بأن الجهل في الفروع والأصول قد يصوغ في هذا أدلةً منها قصة الإسرائيلي النباش الذي لمَّا دنى أجله أوصى إلى أولاده إذا مات يحرقوه فيسحقوه فيرموه في اليم ويضعوا جزءً منه من الذر في البرد والجزء الآخر في البحر ويتفرق وفي زعمه إذا فعل ذلك سوف يفوت على الله, قال لأن قَدِرَ الله عليَّ ليعذبني عذابا لم يعذب أحداً قبلي أو كما قال. يقول الإمام بن تيميه إنه جهل عموم قدرة الله تعالى. وفُعِلَ به ذلك فبعثه الله فأوقفه بين يديه فسأله ما الذي حملك على، هذا قال خشيتك يا رب، الخوف من الله، بمعنى إنه مؤمنٌ ويخاف الله مع ذلك جهل عموم قدرة الله تعالى وأن الله قادر على أن يجمع تلك الذرَّات فيبعثها، هذا جهلٌ في أصول الدين وكثير من أئمة الدعوة والمحققون يَرَوْنَ ذلك حَتَّى نَقَلَ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب عن والده أنه كان يقول: أولئك الذين يطوفون بضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني وأمثاله لا بد من تنبيههم أولا قبل الحكم عليهم بالكفر، ولو تتبعنا أقوال المحققين الفقهاء أدركنا بأن العذر بالجهل عامٌ في الأصول والفروع وهؤلاء الأئمة وإن لم يكونوا جُهَّالاً لكنهم فاتتهم مسائل كثيرة, الإمام الشوكاني كان شيعيا لأنه زيدي والزيدية من الشيعة ومن اقرب طوائف الشيعة إلى الحق، ترك الزيدية ورحل وقاطع جميع المذاهب تقليدا، كان مجتهدا غير مقلد وسعى ليلحق بركب السلف في تفسيره وفي نيل الأوطار وفي غيرهما مما كتب ولكن فاته الشيء الكثير إلى أن تصور الإمام رحمه الله أن التفويض هو منهج السلف، وهذا خطأ، التفويض ... تفويض معاني النصوص ليس هو منهج السلف، منهج السلف معرفة معاني النصوص كلها من السمع والبصر والاستواء والنزول والمجيء وغير ذلك، وتفويض الحقيقة إلى الله، التفويض تفويضان: تفويض المعاني وهذا خطأ وهو الذي وقع به الإمام الشوكاني عفا الله عنه، وتفويض الحقيقة والكيفية والكنه وهذا الذي عناه الإمام مالك حيث قال: ((الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة))، وبالإختصار هؤلاء معذورون فيما وقع منهم من الأخطاء في التأويل، و إطلاق اللسان عليهم بكل جرأة إنهم مبتدعة وأن من لم يبدعهم فهو مبتدع، هذه جرأة جديدة من بعض الشباب الذين أصيبوا بنكسة الحداد، فنسأل الله تعالى أن يهدي قلوبهم ويردهم إلى الصواب وهم اخطئوا كثيرا وابتعدوا كثيرا عن الجادة، فصاروا يبدعون الأحياء والأموات على حدٍ سواء، العلماء كبار علمائنا الذين يحضرهم مجالسهم طلاب العلم وغيرهم، طلاب العلم وغيرهم، السلفيون والخلفيون على حدٍ سواء الذين يستفيدون من مجالسهم، مجالسهم مجالس العلم والمذاكرة يُبَدِّعُونَهُمْ بدعوة أنهم يجالسون المبتدعة، وهذا الخطأ فشى للأسف بين الشباب في الآونة الأخيرة وخير ما نقوله: - اللهم اهدي قلوبهم -.
وقال رحمه الله أيضا :
وإن كان المتأخرين ليسوا أسوء من كفار قريش من كل وجه ؛ لأن كفار قريش لم يؤمنوا بالرسول وهؤلاء آمنوا بالرسول وبالقرآن بالجملة ويؤمنون بالبعث بعد الموت وإذا ذُكِروا بالله تذكروا ويخافون ويرهبون ويؤمنون بالجنة والنار ويؤمنون بأشياء كثيرة يكفر بها كفار قريش وذلك حتى نكون منصفين , أما في الدعوة والالتجاء فهم أسوء حالاً من كفار قريش , لكن القوم أُتوا من الجهل عندما يمرض الولد وعندما تشتد الأمور بعض الناس كأنه يرى الفرج من طريق الشيخ أقرب , يترك رب العالمين سبحانه ويلجأ إلى الشيخ : يا شيخ ما اتخذناك إلا لهذا اليوم , يا شيخ اليوم , اليوم اليوم يا شيخ , يا سيدي يا فلان اليوم , هذا كفر بواح لولا أننا نلتمس لهم الأعذار بالجهل ولولا أننا نلتمس الأعذار بالشبهة , ما هي الشبهة ؟ وجود علماء السوء الذين يزينون للعوام أن دعوة الصالحين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ليس من العبادة , ليس شئ من ذلك من العبادة وإنما ذلك من محبة الصالحين , وجود أمثال هؤلاء - لا كثر الله وجودهم بين المسلمين - شبهة قائمة للعوام ؛ لأنهم هم الذين يعيشون بين الناس , وغيرهم قد لا يختلطون بالعوام , وهم الذين يفسرون لهم الدين على هواهم , وهؤلاء لا يتصلون بأهل العلم لذلك نرجو أن يُعذَر هؤلاء , ولكن ليس معنى ذلك أن يُتركوا بل يجب أن يُعلَموا
وقال رحمه الله أيضا :
وإن كنا نتريث ونتأنى وخصوصاً مع الأشاعرة ولا نتسرع إلى تكفيرهم , وقد شهِدَ من خالطهم ونازلهم وناظرهم أنهم أقرب طوائف علماء الكلام إلى أهل السنة وهو شيخ الإسلام -رحمه الله- في علمائنا وأئمتنا قلّ أن تجد إنسان له خبرة في الفِرق والرجال وطوائف بني آدم مثل هذا الشيخ ؛ لأنه ظهر في وقت كانت الطوائف في قوتها كلها وجابههم كلهم وناظرهم ونازلهم ؛ لذلك شهِد للأشاعرة بالرغم من كثرة التحريف عندهم أنهم نسبياً أقرب إلى منهج السلف , خصوصاً في هذا الوقت الأشاعرة الموجودون الآن في كثير من الجامعات الإسلامية خارج هذا البلد كالأزهر الشريف - كما يقولون - وفروعه يدرسون العقيدة الأشعرية , لكنهم يعتقدون جازمين أنها عقيدة أهل السنة والجماعة , لديهم شبهه يجهلون تماماً منهج السلف , يجهلون تماماً العقيدة التي جاء بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , يحسبون أنها هي تلك التي يحفظونها , إذن لم يتبنوا الحق , ولابد أن تقوم الحجة على من شاقق الرسول بعد أن تبين له الهدى أما قبل ذلك فلا , الأشاعرة من معرفتنا إياهم ومخالطتنا لهم نشهد أنهم يجهلون تماماً العقيدة التي جاء بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم
وقال رحمه الله أيضا :
أريد أن أقول نفي الصفات وتحريف الصفات وتأويل الصفات تأويلاً يؤدي إلى نفي ما أثبت الله -عز وجل- لنفسه أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- يؤدي إلى الكفر ما لم يُعذَر النافي إما بجهل أو شبهه , الشبهة أن يرى طالب العلم مشايخه يدافعون عن العقيدة الأشعرية , وجود مشايخه شبهه للطالب ؛ لأنه يتأسى بهم وهذا مقام الكلام فيه طويل وعريض , نكتفي بهذا المقدار من حيث تعداد أعذار الناس بالجهل وبالشبهات , فلا ينبغي أن نتسرع في التكفير لا في باب العقيدة ولا في باب العبادة وفي باب العبادة أيضاً يوجد مثل هذا , يوجد مسلمون طيبون في نيتهم , ولكن يعبدون غير الله -عز وجل- ويحسبون تلك محبة الصالحين والتوسل بالصالحين وليست بعبادة , قومٌ من المسلمين الطيبين يأتون من مسافات بعيدة إلى ضريح يطوف به أهل الأرياف طواف الكعبة , ويوجد علماء يدرسون في مسجد الحسين -رضي الله عنه- بجوار الضريح , يأتي الريفي فيسأل عن الحكم الشرعي عند مولانا , مولانا يفتي أن ما تفعلونه من محبة الصالحين وليست عبادة , كيف يكفر الريفي الجاهل الذي يسأل الشيخ بعمامته ؟! والشيخ يقول: لا. هذا الطواف وهذه النقود التي ترمونها من محبة الصالحين وليست بعبادة , إذن جمهور الريفيين معذورون , لهم شبهه وجود ذلك الشيخ بعمامته بجوار قبر الحسين وفي مسجد الحسين -رضي الله عنه- ويفتي بهذه الفتوى شبهه قائمة تمنع تكفير الريفيين.
وقال رحمه الله أيضا :
واقع كثير من الدارسين للعقيدة على الطريقة الأشعرية , واقعهم يجعلنا نعذرهم حتى يخرجوا من ذلك الجو المظلم ؛ لأنهم يتعلمون في جوٍ يشبه جواً جاهلياً ؛ لأن الجاهلية كل ما يخالف ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- . طالب صغير يدخل ما يسمى بالمعهد الديني ويتخرج منه , حفظ في المعهد الديني السنوسية ويحفظ ويكرر ليس الله فوق العرش ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله , ثم يدخل الأزهر الشريف ويتخرج من كلية أصول الدين وقد حَفِظَ الفلسفة والمنطق وتعلم كيف يؤول الصفات وكيف يحرّفها , تُكفره وهو في ذلك الجو ؟ لم يعلم حقيقة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- , يجب أن ترحمه . ولكن إذا عَلِمَ وفَهِمَ ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم- وعَلِمَ الهدى , وبعد ذلك اتبع غير سبيل المؤمنين , سبيل الفلاسفة وعلماء الكلام , بعد أن تبين له وبعد إقامة الحجة كفّره بعد ذلك , أما قبل ذلك ارحمه وارفق به ؛ لأنه لم تقم علي الحجة , الحجة بالفهم تقوم لا بمجرد قراءة القرآن , كم قارئ وحافظ لكتاب الله لا يعلم منه شيء , ولكن إنما تقوم الحجة بالفهم حتى يتبين له الهدى ويُعذر قبل ذلك , وإلا في الحقيقة ما أجمع عليه السلف من شبَّه الله بخلقه فهو كافر , من نفى صفة ثابتة في الكتاب والسنة فو كافر. هذه قاعدة لكن هذه القاعدة هل تُطبق على جميع الأفراد ؟ لا , ليس الأمر كذلك . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهم يشكون منه , ولكنه هو في الواقع من أكثر الناس شفقة عليهم قد يرتكب المكفر قولياً أو فعلياً , فبعضهم يكفر وبعضه لا يكفر , فمن قامت عليه الحجة يكفر وقبل ذلك لا يكفر ) , اقرأوا الرد على البكري لشيخ الإسلام لتدرك مدى شفقته رحمه الله على علماء الكلام وعلى الخائضين في هذه الصفات وعلى المؤولين وعلى المعطلين , يرى إنه لابد من إقامة الحجة عليهم .
بل أشد بحيث لو قيل لأحدهم : احلف بالشيخ وبرأس الشيخ إنك لم تفعل كذا , لا يكاد ينطق اسم الشيخ أبداً تعظيماً ورهبة , ولكن لو قيل احلف بالله لحلف بالله كاذباً يُعِللون ذلك - ليس هذا ما نُنشئه إنشاءً من عندنا هذا نأخذه من واقعهم - من حلف بالله كاذباً يتوب والله غفور رحيم لا يُعاجل العباد بالعقوبة وهو" يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل " لكن الشيخ لا يرحم , ما عنده إلا البطش ؛ لذلك يخافون من الشيخ أشد من خوفهم من رب العالمين , هؤلاء يُحكم عليهم بالشرك المُخرِج الناقل من الملة ما لم يُعذروا بجهلهم وما لم تقم شبهة تحول بيننا وبين تكفيرهم . انتبهوا لهذه النقطة فهي مهمة للغاية : قد يقع الإنسان في الشرك الأكبر الناقل من الملة ومع ذلك لا يكفر , زيدٌ يكفر ولا يكفر عمروٌ , يكفر زيد ؛ لأنه فعل ذلك مع العلم وعدم الشبهة , ولكن عمراً يجهل تربى في أحضان الصوفية , فقيل له : إن ما يفعله ليست عبادة وإنما محبة الصالحين , فيقولون له العبادة لا تكون إلا الله , وما فعله عمرو محبة الصالحين , ومحبة الصالحين مطلوبة , جهل وشبهة فلا يكفر ,عمله شرك ولكن لم يتبين له الحق ولم يتبين الهدى , الذي يكفر الذي تبين له الهدى ثم اتبع سبيل غير المسلمين هو الذي يكفر ؛ لذلك ينبغي أن يُنظَر إلى المكان الذي فيه هذا الذي فعل هذا الفعل وإلى الزمن الذي يعيش فيه وإلى البيئة التي يعيش فيها , فكل ذلك له تأثير فإذا كان يعيش في بيئة شركية وبين أناس لا يُفرقون بين الشرك والتوحيد يُفسِرون شِركه بمحبة الصالحين وهو يجهل وغير مقصر في المعرفة يُعذَر. ينبغي الرجوع في هذه المسائل لكتاب شيخ الإسلام رحمه الله الرد على البكري فهو مهم في هذا الباب.
في هذه الأيام وقعت واقعتين عندما سَمِعَ شاب هذه القصة ذهب الشاب إلى والدته الجاهلة ربة البيت غير متعلمة سبقت مدارس تعليم البنات , قال لها أين الله ؟ قالت في السماء , وله أخ دكتور أشعري ذهب إليه قال يا أخي أين الله ؟ قال في كل مكان . قارن بين عقيدة الفطرة وعقيدة الدكتور- بئست الدكترة - إن كانت تصل بالإنسان إلى أن يجهل الله . وشاب آخر سأل والدته نفس السؤال : قالت في السماء , قال لها ماذا تقولين فيمن يقول في كل مكان ليس في السماء ؟ قالت يُضرب بالأحذية . صدقت شهادة تشبه شهادة الإمام الشافعي رحمه الله على أهل الكلام , انظروا الفطرة , الإمام الشافعي يقول ( حكمي في أهل الكلام أن يُحملوا على الحمر الأهلية ويُطاف بهم في العشائر والقبائل ويُضربوا بالنعال والجريد , ويقال هذا جزاء من ترك كتاب الله واشتغل بعلم الكلام
وقال رحمه الله أيضا :
فما موقفهم من هذا الحديث , ماذا يعتذرون ؟ أنا أعتذر لهم أعتذر لهم بالجهل , أرجو أن يقبلوا هذا الجهل , هذا الجهل خير لهم من العلم ؛ لأنهم لو قالوا ذلك مع العلم يكفرون , لكن من باب حسن الظن وحمل كلامهم على أحسن المحامل أنهم لم يطلعوا على هذا الحديث وأمثاله , إذا كانوا هناك في ذلك الجو في تلك البيئة أنكروا هذا الإنكار وقالوا هذا القول يعذرون حتى يقيض الله لهم من يفقههم في دينهم وإن درسوا ما درسوا لن يتفقهوا في الدين " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ما معناه ؟ يرزقه الفهم الصحيح في الإسلام.
وقال رحمه الله أيضا :
السلفيون من أشد الناس تحفظاً في باب التكفير لا يكادون يكفرون إلا من كفره الله ورسوله ؛ لذلك إذا كفروا فرقة من الفرق يقيمون الدليل على كفرهم وليس ذلك بالهوى والتعصب , فمثلا غلاة الروافض خارجون عن الملة لأنهم ألهوا علياً -رضي الله عنه- وقالوا أنت إلهنا ورفضوا أن يرجعوا عن هذا التأليه ؛ لذلك اضطر علي -رضي الله عنه- أن يُحرِّق رؤسائهم بالنار , اضطر إلى ذلك اضطراراً وإن كان هناك بعض الناس انتقدوا هذا الموقف , لكنه مضطر ومتأول -رضي الله عنه-. ثم الجهمية من الفِرق التي أجمع السلف على كفرهم أتباع الجهم بن صفوان انتبهوا الجهمية لها إطلاقات الآن , الأصل في الجهمية أتباع الجهم الذين لم يثبتوا لله -عز وجل- إلا الوجود الذهني لا وجود لله في خارج الذهن عندهم فلم يثبتوا لله لا الأسماء ولا الصفات , الموصوف أو الموجود الذي ليس له أسماء ولا صفات فلا وجود له إنما يتصوره الذهن تصوراً ؛ لأن الذهن قد يتصور المستحيل , فالذهن حرٌ قد يتصور الشريك والصاحبة والولد , لا وجود لله عندهم ؛ لذلك هم كفرة . الفرقة الثالثة التي يجمع أتباع السلف على كفرهم هم الفلاسفة , الفلاسفة أكثرهم باطنية لأنهم يعتقدون قِدم العالم وهم كفار غير هؤلاء الثلاثة من الفِرق الأخرى على ما فيها من خلاف واضح بينهم وبين منهج السلف ومخالفتهم لنصوص الكتاب والسنة لم يجرؤ السلف على إطلاق الكفر عليهم عامة وإن كان سلفنا بدءً من التابعين وتابعي التابعين إذا تركنا الصحابة -رضي الله عنهم- لأن الصحابة -رضي الله عنهم- بحمد الله في أيامهم لم تظهر الفِرق إلا الفرق السياسية التي سوف نتحدث عنها إن شاء الله التي ظهرت في عهد علي -رضي الله عنه- , أما فرق أهل الكلام ظهرت بعدهم , هذه الفرق كالمعتزلة والأشاعرة والماتوريدية والمرجئة لا يحكمون بكفرهم , لكن عندهم هناك قاعدة يقعدونها استقراءً - ومن أبى إلا أن يدخل في القاعدة فليدخل - مثلاً من نفى صفة ثابتة في الكتاب والسنة فهو كافر هذه قاعدة , من قال بخلق القرآن فهو كافر هذه قاعدة , بيد أننا باجتهادنا كدنا نقيد هذه القاعدة بقيود , وهذه القيود استفدنا من دراستنا لمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية الذي هو أعرف الناس بهذه الفرق وأكثر الناس مخالطة بهم ومحاججة ومناظرة لهم يرى: لابد من تقييد هذه القاعدة , من دراستنا لكلامه فهمنا هذا الفهم وهو العذر بالجهل وبالشبهة من قال بخلق القرآن فهو كافر, فهل يا ترى لو أن طالباً صغيراً أزهرياً أشعرياً تربى في أحضان كبار الأشاعرة ودرس هذه العقيدة , فيما يدرس أن كلام الله الحقيقي هو الكلام النفسي والكلام اللفظي مستحيل على الله ؛ لأن إثبات الكلام اللفظي يلزم منه إثبات مخارج الحروف , هكذا ألقنوه وشحنوه وهو صغير فارغ الذهن ولم يعلم غير هذا , لم يخطر بباله أنه توجد عقيدة إسلامية غير هذه العقيدة , هل نحكم عليه - وهو بعيد عن منهج السلف ومن يدرسون منهج السلف - بالكفر ولم يعلم شيء ولم يتبين له الحق , هذا ليس من الإنصاف , إذن نعذره حتى يتبين له الهدى , فإن تبين له الهدى سواء بانتقاله من تلك البيئة أو قيض الله لم من يشرح له مذهب السلف وهو هناك أو وقع في يده كتاب يشرح باب الأسماء والصفات على منهج السلف فدرس فتبين له الهدى لكن مع ذلك قال لا , لن أستطيع أن أخالف قومي ومشايخي , فهو أصر ويحكم بكفره , والأدلة الواقعية الحية على ما أقول كثيرة.
وقال رحمه الله أيضا :
هذه الأمور تؤكد أن كثيراً وكثيراً جداً من علماء الكلام وأولئك الذين يطوفون بالأضرحة إنما أوقعهم في ذلك الجهل وعدم تبين الهدى ولابد من التأني معهم والصبر معهم حتى يتبين لهم الهدى فيحكم بكفرهم بعد ذلك كفراً بواحاً , وقبل ذلك كفرهم كفر دون كفر , عملهم كفر ولكن ليسوا بكافرين , فكم من قائل للكفر وليس بكافر هكذا يفهم شيخ الإسلام, وهي فكرة اقتنعتُ بها بعد دراسة منهج هذا الإمام , علماً بأن الجمهور لا يعذرون بالجهل في أصول الدين ويُعذر المرء بالجهل في الفروع , الجمهرة ليست دائماً دليلاً على الفهم والصواب , ولكن فهم النصوص وتطبيق النصوص أهم شيء ؛ لذلك شيخ الإسلام يكرر دائما في أثناء مناظراته وحواره مع علماء الكلام قوله تعالى { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً{115}سورة النساء } , محل الشاهد( من بعد ما تبين له الهدى ) , هذه المسألة يجب أن تكون معلومة لدى طلاب العلم خصوصاً في وقتنا هذا ؛ لأننا نعيش انفتاحاً عظيماً على هذا العالم , والعالم جاء هنا ويجب أن نعرف كيف نعاملهم خصوصاً طلاب العلم , أما غير طلاب العلم واجبنا نحوهم التعليم وأن نصدق في تعليمهم وهدايتهم , وطلاب العلم ينبغي التأني معهم وإن زعموا أنهم علماء دكاترة كبار , لكنهم جهال كما يقول شيخ الإسلام لمن يناظرهم من فطاحلة علماء الكلام ( لو كنتُ أنا مكانكم لحكمتُ على نفسي بالكفر ولكنكم جهال ) , وهذه رحمة بهم وشفقة عليهم , فعلى الداعية أن يكون لديه نوع من الرحمة والشفقة على عباد الله الذين تورطوا في كثير من الجاهليات جهلاً منهم , أما من يدعي الإصلاح والدعوة وإن الإسلام انتهى ولا يوجد إسلام اليوم وتوقف منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض بما في ذلك هذا البلد - أرض التوحيد عند هذا القائل ليس فيها إسلام , وهو يهدف إلى أن ينشئ الإسلام من جديد , لستُ أدري من أين يأتي بهذا الإسلام وهو لم يفهم كلام الله ؟! تعرض لتفسير كتاب الله فلم يفهمه فسره تفسيراً بالرأي , ليته تفسير لغوي لو كان تفسيراً لغوياً لهان الأمر , ليس بلغوي وليس بأثري , ولكنه تفسير بالهوى والرأي , وما زاد على ذلك بآراء وحدة الوجود , من قرأ في أول تفسير سورة الحديد وفي تفسير سورة الإخلاص في ذلك الكتاب الذي أشير إليه - وهو من أضخم الكتب التي ألفها - يعرف حقيقة ما قلتُ ).
وقال أيضا رحمه الله :
مثل معبد الجهني وغيلان الدمشقي فكانوا ينكرون القدر فكانوا ينكرون علم الله السابق والكتاب السابق وأن الأمور لا تُعلم عند الله إلا بعد إيجادها وإنما يعلم الله بالجملة المخلوقات بعد أن يوجدها , ولم تكن والمقادير والموجودات معلومة مكتوبة عند الله , ومنكر هذه المرتبة كافر , أولاً: لأنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة - وهذه قاعدة كل من ينكر معلوماً من الدين بالضرورة كافر, العلم الضروري الذي لا يستطيع الإنسان أن يدفع عن نفسه ويُدعى فيه الجهل بأن الله عليم بكل شيء وأن الله عَلِمَ ما كان وما سيكون قبل أن يكون وأن ذلك مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ , كل مسلم متعلم أو غير متعلم يعلم بالجملة هذا العلم الضروري . ثانياً : لأنه ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف , إذا أُطلِق الإجماع فهو إجماع السلف , والإجماع الذي يكون حجة هو إجماع الصحابة والتابعين ؛ لأن بعد عصر التابعين تفرق المسلمون في أنحاء الدنيا لا ينضبط الإجماع بعد ذلك , إنما الإجماع الذي ضُبِط وعُلِم إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- عندما كانوا مجتمعين في المدينة وما يقرب من المدينة ويتبع ذلك إجماع التابعين , أما بعد التابعين لا إجماع , أي لا يُحتج بالإجماع بعد ذلك ؛ لأنه من الصعوبة بمكان ضبط الإجماع بعد أن توسعت الفتوحات الإسلامية وتفرق المسلمون في أنحاء الدنيا ؛ لذلك نص شيخ الإسلام في بعض كتبه على أن الإجماع الذي هو حجة وهو أحد أصول الإسلام إجماع الصحابة , وقد فطر الله العباد على ذلك أن الله يعلم كل شيء , فهذا هو السر في تكفير من أنكر هذه الدرجة والمرتبة من القدر
13فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله:
قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :" فلا يجوز للجاهل أن يتكلم في مسائل العلم ولا سيما المسائل الكبار مثل التكفير ، وأيضا الغيبة والنميمة ، والوقيعة في أعراض ولاة الأمور ، والوقيعة في أعراض العلماء ، فهذه أشد أنواع الغيبة ، نسأل الله العافية !! فهذا الأمر لا يجوز .
وهذه الأحداث وأمثالها من شئون أهل الحل والعقد ، هم الذين يتباحثون فيها ويتشاورون ، ومن شئون العلماء فهم الذين يبينون حكمها الشرعي .
أما عامة الناس والعوام والطلبة المبتدئين فليس هذا من شأنهم ، قال الله ـ جل وعلا ـ (( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ))[النساء : 83 ]
فالواجب إمساك اللسان عن القول في هذه المسائل ، لا سيما التكفير ، ولا سيما الولاء والبراء
الإنسان قد يحكم على الناس بالضلال والكفر وهو مخطىء ، ويرجع حكمه عليه ؛ لأن الإنسان
إذا قال لأخيه يا كافر ، أو فاسق وهو ليس كذلك رجع ذلك عليه والعياذ بالله الأمر خطير جدا فعلى كل من يخاف الله أن يمسك لسانه ، إلا إن كان ممن وُكل إليه الأمر وهو من أهل الشأن ، بأن يكون من ولاة الأمر أو من العلماء ، فهذا لابد أن يبحث في هذه المسألة أما إن كان من عامة الناس ومن صغار الطلبة فليس له الحق في أن يصدر الأحكام ، ويحكم على الناس ويقع في أعراض الناس ، وهو جاهل ، ويغتاب وينم ويتكلم في التكفير والتفسيق وغير ذلك ، فهذا كله يرجع إليه ولا يضر المتكلم فيه وإنما يرجع إليه فعلى المسلم أن يمسك لسانه ، وألا يتكلف مالا يعنيه
وقال حفظه الله تعالى أيضا : عند قول المؤلف – سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى - : الدليل السابع عشر : قوله تعالى:إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ محمد:الآية: (25) قوله تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ " يعني: ارتدوا عن الدين ، فالإرتداد عن الدين ارتداد عن الأدبار ، كان يمشي على وجهه متجهآ إلى الجنة فارتدّ على دبره متجآ إلى النار والعياذ بالله " مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى " أي : ليس ذلك عن جهل ، وإنما هو بعد ما تبين لهم الهدى ، وعرفوه ، وهذا فيه دليل على أن الجاهل يعذر إلى أن يزول جهله.
14فضيلة الشيخ العلامة زيد بن هادي المدخلي حفظه الله:
السؤال: فضيلة الشيخ ، يصدر من بعض الأشخاص نواقض الإسلام أو بعضها ، فما حكم من يقع منهم في ذلك ؟ وهل يجب على من رأى شخصا يقع في ذلك أن يكفره في نفسه بعد النصيحة أم أن ذلك لا يجوز له ؟
الجواب:" هذا لا شك فيه بأنه قد يقع بعض الناس نتيجة للجهل في بعض نواقض الإسلام ، أي : يصدر منه ذلك بدون قصد ، وبسبب هذا شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرع بذل النصيحة وشرع التعليم ، فمن رأى من أخيه فعلا أو سمع منه قولا يعتبر ناقضا من نواقض إيمانه وإسلامه فليبادر إلى توجيهه بالتي هي أحسن إلى التي هي أقوم ، ولا ينطلق مكفرا أو زاجرا له بعنف قبل أن يبين الحجة لتستنير المحجة فالبيان أمر مطلوب ولا يؤخر عن وقته ، وبعد ذلك يتبين حال المأمور ؛ فإن كان وقع في الخطأ الغير المقصود فإنه يرجع من الخطأ إلى الصواب ومن الباطل إلى الحق ، وإن تمادى فيما هو عليه ورفض نصيحة الناصحين وأعرض عن تعليم المعلمين فقد ظلم نفسه .
أما من حيث الحكم عليه بالكفر وعدمه : فإن كان الناقض ينقض الإسلام نقضا كليا فليقل له هذا العمل كفر أو شرك أكبر ، وإن كان غير ذلك فليبين له الخطر ، غير أنه لا ينص عليه بالتكفير لشخصه لأنه ربما يأتي عليه وقت يتحول من هذا الخط المنحرف إلى الخط المستقيم ، لكن إذا اتضح بالدليل بأن هذا العمل الذي عمله أو القول الذي قاله كفر يخرج من ملة الإسلام ، فلا حرج ولا تثريب أن يقول هذا العمل كفر ومن عمله فهو كافر ، هذا هو الأسلوب الذي نعرفه مشى عليه السلف الصالح رحمهم الله وأتباعهم وما أحوج الناس إلى التوجيه والتعليم المقرونين بالأدلة الشرعية والمقرونين بالصدق والإخلاص ممن يقوم بهما ، وكذلك عدم التأخير استحياء من الشخص أو يئسا من قبوله ، هذا لا ينبغي ، فمن رأى شخصا أو جماعة أنهم وقعوا في مأثم من المآثم سواء كان كفرا أو كان نفاقا عمليا أو كان بدعة أو كبيرة من كبائر الذنوب أو صغيرة من صغائر الذنوب ، فإنه لابد من بذل النصيحة بالطرق الصحيح حتى يكسب المعلم الأجر الوفير وحتى ينقذ المتعلم والجاهل من داء الجهل ومن عواقبه الوخيمة وعقوبات الأليمة
15فضيلة الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله:
سؤال : ما حكم مرتكب الكبيرة و مرتكب الشرك الأصغر؟
جواب فضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ هذه المسائل تسألون عنها , أعتقد أن السامعين لا يدركونها , و تصعب عليهم .على كل حال , البيئة تختلف , بعض البيئات لا تبلغهم دعوة الله ـ تبارك و تعالى ـ بأن يكونوا في بلاد نائية عن الإسلام , أو في بلاد علماؤه ضالون مضلون لا يبينون الحق من الباطل و لا التوحيد من الشرك , بل يلبسون على العوام و يقذفون بينهم بالشبه التي تزين الشرك و تنفر من التوحيد و أهله , فهؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم حجة الله.و هناك بعض الأفراد يعني مثل إنسان أصم أبكم , يعني لا يفهم هذه الرسالة , و لا يفرق بين التوحيد و الشرك , و يجد بيئة فيها مشركين , أو مجنون معتوه يأتي مثل هذا الأصم يوم القيامة يقول : يارب جاءني رسولك و أنا لا أسمع , و يأتي هذا المجنون يقول : يا رب جاءني رسولك و أنا مجنون يقذفني الصبيان في الطرقات , فهؤلاء يوم القيامة يمتحنهم ربهم...
لكن صاحب الشرك الأصغر هذا لا يدخل في مشيئة الله إن شاء عفا عنه و إن شاء عذبه , بل لابد أن يعذب , لكن بحكم أنه أشرك شركا أصغر و عنده توحيد فهذا يعذب بشركه الأصغر ثم بعد ذلك يخرج.
يعني الفرق بينه و بين مرتكب الكبيرة : أن مرتكب الكبيرة قد يدخله الله النار و قد لا يدخله يعفو عنه سلفا , فيدخل الجنة قبل أن يدخل النار , أما هذا لابد أن يدخل النار ثم بعد ذلك لا يستمر و لا يخلد في النار كما يخلد الكافرون و المشركون شركا أكبر , بل لا بد أن يخرج بتوحيده من النار إلى جنة الله و رضوانه.قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الرد على البكري (ص301) : " فإن هذا إن كان مشركا الشرك الأكبر كان مخلدا في النار , و كان شرا من اليهود و النصارى. و إن كان مشركا الشرك الأصغر فهو أيضا مذموم ممقوت مستحق للذم و العقاب .و قد يقال : الشرك لا يغفر منه شيءا لا أكبر و لا أصغر على مقتضى عموم القرآن , و إن كان صاحب الشرك الأصغر يموت مسلما , لكن شركه لا يغفر له بل يعاقب عليه و إن دخل بعد ذلك الجنة"
وسئل حفظه الله عن العذر بالجهل :
فأجاب: هذه المسألة ؛ مسألة العذر بالجهل أو عدم العذر يركض من ورائها أهل الفتنة ويريدون تفريق السلفيين وضرب بعضهم ببعض ! وأنا كنت في المدينة اتصل بي رياض السعيد وهو معروف وموجود في الرياض الآن قال لي : إن هنا في الطائف خمسين شابا كلهم يكفرون الألباني !! لماذا ؟ لأنه لا يكفر القبوريين ويعذرهم بالجهل !! طيب ، هؤلاء يكفرون ابن تيمية وابن القيم وكثير من السلف ؛ لأنهم يعذرون بالجهل وعندهم أدلة منها : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) [ الإسراء : 15 ] ، ونصوص أخرى فيها الدلالة الواضحة . ومنها : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا )) [ النساء : 115 ] .
(( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )) [ التوبة : 115 ] .
ونصوص أخرى تدل على أن المسلم لا يكفر بشيء من الكفر وقع فيه ، نقول : وقع في الكفر ؛ هذا كفر وقع فيه عن جهل مثلا فلا نكفره حتى نبين له الحجة ونقيم عليه الحجة ، فإذا عاند كفرناه .
وهذا القول عليه عدد من أئمة العلماء في نجد ، وبعضهم قد يختلف كلامه ، مرة يشترط إقامة الحجة ومرة يقول : لا يعذر بالجهل فيتعلق أناس بأقوال من لا يعذر بالجهل ؛ ويهمل النصوص الواضحة في اشتراط قيام الحجة ، وأنه لا يكفر المسلم الذي وقع في مكفر حتى تقام عليه الحجة . ومنه ما ذكرته لكم عن الإمام الشافعي رحمه الله والنصوص التي ذكرتها لكم .
كنت أعرف شيخا فاضلا لا يعذر بالجهل ، ونحن ندرس في سامطة ، وزارنا هذا الشيخ ويحمل هذه الفكرة لكنه ما كان يثير الفتن ولا يناقش ولا يجادل ولا يضلل من يعذر بالجهل ، وعشنا نحن وإياه أصدقاء قرابة أربعين سنة وقد مات من عهد قريب رحمه الله . وجلست مرة في أحد المجالس وواحد يقرر عدم العذر بالجهل ، فذكرت له هذه الأدلة وذكرت له : أن علماء في نجد يعرف بعضهم بعضا ، بعضهم يعذر بالجهل وبعضهم لا يعذر ، وهم متآخون ليس هناك خلافات ولا خصومات ولا إشاعات ولا ، ولا ، ...، فسكت ولم يجادل ؛ لأنه لا يريد الفتن .فنحن نعرف أن الخلاف هذا واقع في نجد بين بعض المشايخ وغيرهم ، لكن لا خصومة ولا تضليل ولا حرب ولا فتن ، وإنما هذه طريقة الحدادية يا إخوان !الفئة الحدادية الماكرة الضالة أنشئت لإثارة الفتن بين أهل السنة ، وضرب بعضهم ببعض ! وهم تكفيريون متسترون ، وعندهم بلايا أخرى يمكن غير التكفير ، ويستخدمون أخبث أنواع التقية سترا على منهجهم الخبيث وأغراضهم الفاسدة !وأنا رأيت شابا تأثر بهذا المنهج وكان يحمل كتابا فيه أقوال منتقاة في عدم العذر بالجهل ، ويتنقل ما بين الرياض والطائف ومكة والمدينة وإلى آخره ، كان عندنا ويدرس عندنا ، ثم ما شعرنا إلا وهو يحمل هذا الفكر بهذه الطريقة . فناقشته مرارا وبينت له منهج شيخ الإسلام ابن تيمية ومنهج السلف والأدلة ، وهو يجادل قلت له : من إمامك ؟ قال : فلان وفلان ، بحثت ، فوجدت ـ والله ـ عندهم أقوالا متضاربة ، مرة يعذر بالجهل ومرة لا يعذر بالجهل . قال لي : معي فلان ، قلت له : فلان هذا كلامه ـ قد أعددته له ـ هذا فلان هنا يعذر بالجهل ويشترط إقامة الحجة ، قال : لا ، أنا مع ابن القيم . قلت له : ابن القيم من زمان رفضته أنت ! ابن القيم يشترط إقامة الحجة فبُهت ، لكنه مصر على ضلاله ! فعاند وطرد من هذه البلاد ثم رجع ، وفي مناقشاتي له قلت له : قوم كفار في جزيرة من الجزر في إحدى جزر بريطانيا ، أو جزر المحيط الهادي أو غيرها ، ما أتاهم أحد من السلفيين ، وجاءهم جماعة التبليغ وعلموهم وقالوا : هذا الإسلام فيه خرافات ، فيه بدع ، فيه شركيات فيه ضلالات وفيه وفيه ... ، قالوا لهم : هذا الإسلام ، فقبلوه ، وتقربوا إلى الله ، ويعبدون الله على هذا الدين الذي يسمى الإسلام ، تكفرهم أنت ، أو تبين لهم وتقيم عليهم الحجة ؟ قال : هم كفار ولا يشترط إقامة الحجة !قلت له : اذهب إلى الجزائر فأنت أشد من هؤلاء الثوار الآن ، أنت أشد تكفيرا منهم ، اذهب عندهم ليس لك مجال في هذه البلاد . مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في هذا قائم على الحجج والبراهين ، وهو مذهب السلف ـ إن شاء الله ـ ومن تبنى واقتنع بغير هذا وسكت مالنا شغل فيه ، لكن يذهب يثير الفتن ويضلل ويكفر فلا ، لا والله لا يسكت عنه .وأنصح الشباب أن يتركوا هذه القضية ؛ لأنها وسيلة من وسائل أهل الشر والفتن يبثونها بين المسلمين .طيب ، مر عليكم دهور من عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا ليس هناك صراعات بينهم في القضية هذه أبدا ، الذي اجتهد ورأى هذا المذهب سكت ومشى ، قرره في كتابه ونشره فقط ومشى ، والذي يخالفه مشى ، كلهم إخوة ليس بينهم خلافات ولا خصومات ولا أحد يضلل أحدا ولا يكفره ، أما هؤلاء يكفرون انظروا توصلوا به إلى تكفير أئمة الإسلام ، مما يدلك على خبث طواياهم وسوء مقاصدهم فأنا أنصح الشباب السلفي ألا يخوضوا في هذا الأمر .والمذهب الراجح : اشتراط قيام الحجة ، وإذا ما ترجح له فعليه أن يسكت ويحترم إخوانه الآخرين فلا يضللهم ؛ لأنهم عندهم حق ، وعندهم كتاب الله ، وعندهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندهم منهج السلف والذي يريد أن يكفر ، يكفر السلف ! يكفر ابن تيمية وابن عبد الوهاب أيضا ! الإمام محمد بن عبد الوهاب قال : نحن لا نكفر الذين يطوفون حول القبور ويعبدونها حتى نقيم عليهم الحجة ؛ لأنهم لم يجدوا من يبين لهم.
وسئل حفظه الله هل يلزم من وقوع الإنسان في الكفر أن يكون كافرا ؟
فأجاب هذا فيه تفصيل إن كان ما وقع فيه من الكفر أمرا معلوما من الدين بالضرورة : فهذا لا يعذر ويكفر ، أنكر وجوب الصلاة ، أنكر وجوب الحج ، أنكر أمرا آخر معلوما كتحريم الخمر ، أنكر تحريم الزنا ، فهذه من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ، فإذا وقع فيه حكم عليه بالردة ، ويستتاب ، فإن تاب ورجع إلى الله ترك ، وإن لم يرجع قتل قتل المرتدين . وإن كان هذا الذي وقع فيه من الكفر مما يخفى وليس معلوما من الدين بالضرورة : فهذا لا يكفر حتى يناقش ويناظر وتقام عليه الحجة ، فإذا أقيمت عليه الحجة بالأدلة والبراهين وأصر على الإستمرار والتمادي في هذا الكفرفحينئذ يكفر .
وسئل أيضا أحسن الله إليكم وجزاكم الله خيرا ، يقول السائل : هل الناس الذين يقعون في الشرك الأكبر في بعض بلاد الإسلام يعذرون بالجهل ، أم أن الحجة قد قامت عليهم لانتشار الكتب والشرائط العلمية والمجالس العلمية في الفضائيات التي تبين التوحيد للناس ؟
فأجاب من عرفت أنه فهم وقامت عليه الحجة فلك أن تكفره ، وكثير من الناس لا يفهمون ! وكثير من الناس لا يسمعون ، خاصة الأعاجم ، وكثير من العرب الآن في مستوى العجم ، يقرأ القرآن ويسمع الحديث لكن لا يفهمه . فلابد من الصبر وعدم التعجل في الحكم على الناس ، وقد أجبت على هذا السؤال قبل أن تسأل ، وسقت الآيات الدالة على أنه لابد من أن يفهم الضال ويفهم منك الحجج ، قد يكون عنده كفر وعنده ضلال ، فلا تتعجل في تكفيره حتى تقيم عليه الحجة ، وقد ذكرنا لكم مذهب ابن تيمية وذكرنا لكم الأدلة .
16العلامة الشيح السحيمي حفظه الله تعالى :
أحس
مدحت كركوكلي
مدحت كركوكلي
مدير الموقع
مدير الموقع

عدد المساهمات : 166
تاريخ التسجيل : 12/12/2009
الموقع : www.mithat.malware-site.www

https://shababkirkuk.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى