من شبه المميعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

من شبه المميعة قولهم : " ونحن أيضا نقول أن فلان أخطأ " أو قولهم : " أو كلنا يخطئ "

فهذه الكلمة كلمة حق أريد بها باطل أراد بها أهل التمييع التهوين من ذلك الخطأ و الدفاع عن صاحبه و يقولون هذه العبارة لكي يخففوا من وطأة أهل السنة عليهم .

ولكن أخي اعلم رحمك الله لضبط هذه العبارة يجب مراعاة الأمور التالية :

أولا : إن الخطأ قد يكون خطأ في نفسه وعند أهل الحق أما عند قائله أو فاعله فليس بخطأ بل هو حق وذلك مثل الذين يدينون دين الروافض أو الصوفية أو الأخوان وغيرهم فمثل هؤلاء لاتكف مثل هذه الكلمة في حقهم بل من الضروري اتخاذ المواقف المناسبة حيالهم، وقائل هذه العبارة في حق هؤلاء مميع مضيع لعقيدة الولاء والبراء

ثانيا : التفريق بين كثرة الخطأ وقلته فإن كثرة الخطأ مذهبة لفضل فال ابن عبدالبر في جامع العلم وفضله (2- 48 ) " روي عن مالك بن أنس عن سعيد بن المسيب بلغه عنه أنه كان يقول : " ليس من عالم أو شريف ولاذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله كما أنه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله " وقال غيره " لا يسلم العالم من الخطأ فمن أخطأ قليلا وأصاب كثيرا فهو عالم ومن أصاب قليلا وأخطأ كثيرا فهو جاهل " ( 1 )

ثالثا : الإصرار والعناد على الخطأ يدل دلالة صارخة على اعتناق ذلك الخطأ مذهبا فحينئذ لا تنفع المعاذير مع مثل هذا الصنف من الناس .

رابعا : الأصول التي يسير عليها من وقع في الخطأ إذا كانت سنية سلفية وكان من أهل الأجتهاد فإن مثل هذا يغتفر له خطئه خاصة إذا كان معروفا عنه الدفاع عن السنة ونشرها فإنه يتحاور معه ويبين له – وهو في العادة تجده رجّاعا للحق هذا إذا كان من الأحياء إما إذا كان من الأموات فإنه يعتذر له كأمثال النووي وابن حجر – أما من كان يسير على أصول أهل البدع أو يبتدع أصولا وقواعد من عند نفسه فهذا لاكرامة له .

خامسا : نوعية الخطأ فإن من الأخطأ التي تخرج صاحبها من دائرة أهل السنة فمثلا الأصول التي دونها أهل السنة في مصنفاتهم فهي مخرجة من دائرة أهل السنة ومنها ماهو غير مخرج من دائرة أهل السنة مثل مسائل الاجتهاد وهذه لها ضوابط منها ( 2 )

أن لا يكون في المسألة دليل

أن يكون فيها دليل يحتمل أكثر من وجه

وأن يكون في المسألة أكثر من دليل

وأخيرا اعلم رحمك الله

" أن المخطئ وإن غفر خطؤه لا جتهاده إلا أنه ليس بمرضي الحال . قال مالك : " من سعادة المرء أن يوفق للصواب والخير ، ومن شقوة المرء أن لا يزال يخطئ " وعلق عليه ابن عبدالبر في جامع العلم وفضله ( 2- 72 ) بقوله : " في هذا دليل أن المخطئ عنده وإن اجتهد فليس بمرضي الحال والله أعلم "(1 )

والحمد لله رب العالمين

صلاح إبراهيم على
_____________________________________

1- الصيانة لشيخ أحمد بازمول ص 37
2- انظر لمزيد ص 255 من كتاب أتحاف أهل الصدق والعرفان بكلام الشيخ ربيع في مسائل الإيمان