بحـث
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مدحت كركوكلي | ||||
عبق النرجس | ||||
**تامو** | ||||
الزعيم | ||||
صقر العتيبي | ||||
ercan kerkuklu | ||||
دانه111 | ||||
محمدالفارس |
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 42 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو كاروان شيخاني فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 206 مساهمة في هذا المنتدى في 154 موضوع
حول حديث: يوشك أنتتداعى عليكم الأمم بقلم : الشيخ / محمد ناصرالدين الألباني
شبكة و منتديات شباب كركوك لخادم السنة النبوية مدحت كركوكلي :: لاتنسى ذكر الله :: قـسم الـسـنـة الـنبـويـة
صفحة 1 من اصل 1
حول حديث: يوشك أنتتداعى عليكم الأمم بقلم : الشيخ / محمد ناصرالدين الألباني
حول حديث: يوشك أنتتداعى عليكم الأمم
بقلم : الشيخ / محمد ناصرالدين الألباني
( السؤال ):
ورد المجلة سؤال من أحدالأساتذة المحامين في بغداد يرجو فيه التحقيق من قبل الأستاذ ناصر الدين الألبانيفي صحة الحديث المشهور : " تتداعى عليكم الأمم . . . " ويقول :
" إنني أرتاب فيصحة هذا الحديث لسببين :
الأول : أنه يخبر عن الغيب ، ولا يعلم الغيب غير الله .
والثاني : يهدف إلى حمل الناس على الرضا بما نحن فيه والبقاء عليه وعدم العملعلى تغييره " .
ثم يستنتج من ذلك أنه :
" لا بد أن يكون الحديث من وضع عدوللإسلام ولدينهم " .
( الجواب ):
وجواب الأستاذ الألباني : إن الحديثصحيح بلا ريب ، وهو يخبر عن أمر غيبي بإطلاع الله تبارك وتعالى له عليه ، وهذا أمرسائغ جائز لا غبار عليه بل هو من مستلزمات النبوة والرسالة ، والحديث يهدف إلى خلافما ظنه السائل ، هذا مجمل الجواب ، واليك التفصيل :
1- صحة الحديث :
لا يشك حديثي في صحة هذا الحديث البتة ، لوروده من طرق متباينة وأسانيدكثيرة، عن صاحبين جليلين:
الأول : ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليهوسلم-.
والثاني : أبو هريرة -رضى الله تعالى عنه- الذى حفظ لنا ما لم يحفظه غيرهمن الصحابة -رضوان الله عليهم- من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فجزاه الله عنالمسلمين خيراً.
أما ثوبان -رضي الله عنه- فله عنه ثلاث طرق :
1- عنأبي عبد السلام ، عن ثوبان ، قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
" يوشكالأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلة نحنيومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله منصدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، فقال قائل : يا رسول الله وماالوهن ؟ قال : " حب الدنيا ، وكراهية الموت " .
أخرجه أبو داود في سننه (2/10 2) والروياني في مسنده (ج 25/134/2) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه، ورجاله ثقات كلهم غير أبي عبد السلام هذا فهو مجهول ، لكنه لم يتفرد به بل توبع -كما يأتي- فالحديث صحيح .
2- عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مثله .
أخرجه أحمد (5/287) ومحمد بن محمد بن مخلد البزار في " حديث ابن السمان " (ق 182-183) عن المبارك بن فضالة ، حدثنا مرزوق أبو عبد الله الحمصي ، أنا أبو أسماءالرحبي به ، وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ، وإنما يخشى من المبارك التدليس ، وقدصرح بالتحديث فأمنا تدليسه.
2- عن عمرو بن عبيد التميمي العبسي ، عن ثوبانمختصراً .
أخرجه الطيالسي في سنده (ص 123) ، (2/211 من ترتيبه للشيخ البنا) وسنده ضعيف لكنه قوي بما قبله .
فالطريق الثاني حجة وحده لقوة سنده ، وبانضمامالطريقين الآخرين إليه يصير الحديث صحيحاً لا شك فيه .
وأما حديث أبي هريرةفأخرجه أحمد في المسند أيضاً (2/259) عن شبيل بن عوف ، عنه ، قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لثوبان :
" كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكمالأمم . . . الحديث نحوه وسنده لا بأس به في الشواهد " ، وقال الهيثمي في " مجمعالزوائد " (7/287) : " رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط بنحوه ، وإسناد أحمد جيد " !
وجملة القول : إن الحديث صحيح بطرقه وشاهده ، فلا مجال لرده من جهة إسناده، فوجب قبوله والتصديق به .
2- إخباره -صلى الله عليه وسلم- عن الغيب :
من المستغرب جداً عندنا الشك في صحة الحديث بدعوى " إنه يخبر عن الغيب ،ولا يعلم الغيب إلا الله " ومن المؤسف حقاً أن تروج هذه الدعوى عند كثير من شبابناالمسلم فقد سمعتها من بعضهم كثيراً ، وهي دعوى مباينة للإسلام تمام المباينة ، ذلكلأنها قائمة على أساس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر كسائر البشر الذين لا صلةلهم بالسماء ، ولا ينزل عليهم الوحي من الله تبارك وتعالى .
أما والأمرعندنا معشر المسلمين على خلاف ذلك ، وهو أنه عليه السلام مميز على البشر بالوحي ،ولذلك أمره الله -تبارك وتعالى- أن يبين هذه الحقيقة للناس فقال في آخر سورة الكهف : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) وعلى هذا كان لكلامه -صلى الله عليه وسلم- صفة العصمة من الخطأ لأنه كما وصفه ربه عز وجل : ( وما ينطقعن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) ، وليس هذا الوحى محصوراً بالأحكام الشرعية فقط ،بل يشمل نواحي أخرى من الشريعه منها الأمور الغيبيه ، فهو -صلى الله عليه وسلم- وإنكان لا يعلم الغيب كما قال فيما حكاه الله عنه : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت منالخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) ( الأعراف : 187 ) فإنالله تعالى يطلعه على بعض المغيبات وهذا صريح فى قول الله تبارك وتعالى ( عالمالغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول ) وقال : ( ولا يحيطون بشيءمن علمه إلا بما شاء ).
فالذى يجب اعتقاده أن النبى -صلى الله عليه وسلم- لايعلم الغيب بنفسه ولكن الله تعالى يعلمه ببعض الأمور المغيبه عنا ، ثم هو صلى اللهتعالى عليه وسلم يظهرنا على ذلك بطريق الكتاب والسنة ، وما نعلمه من تفصيلات أمورالآخرة من الحشر والجنة والنار ومن عالم الملائكه والجن ونحو ذلك مما وراء المادة ،وماكان وماسيكون ، ليس هو الا من الأمور الغيبية التي أظهر الله تعالى نبيه عليها ،ثم بلغنا إياها ، فكيف يصح بعد هذا أن يرتاب مسلم فى حديثه لأنه يخبر عن الغيب ؟! ولو جاز هذا للزم منه رد أحاديث كثيرة جداً قد تبلغ المائه حديثاً أو يزيد ، هىكلها من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم- وصدق رسالته ، ورد مثل هذا ظاهر البطلان، ومن المعلوم أن ما لزم منه باطل فهو باطل ، وقد استقصى هذه الأحاديث المشار إليهاالحافظ ابن كثير فى تاريخه وعقد لها بابا خاصا فقال : " باب ما أخبر به -صلى اللهعليه وسلم- من الكائنات المستقبلة فى حياته وبعده فوقعت طبق ما أخبر به سواء بسواء " ثم ذكرها فى فصول كثيرة فليراجعها حضره السائل إن شاء في " البداية والنهاية " (6/182-256) يجد فى ذلك هدى ونوراً بإذن الله تعالى ، وصدق الله العظيم إذ يقول :
( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرفبعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ) وقال : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحيبإذنه ما يشاء إنه علي حكيم * وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ماالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلىصراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصيرالأمور )
فليقرأ المسلمون كتاب ربهم وليتدبروه بقلوبهم يكن عصمة لهم منالزيغ والضلال ، كما قال -صلى الله عليه وسلم- : " إن هذا القرآن طرفه بيد الله ،وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً " . (1)
3- هدف الحديث :
عرفنا مما سبق أن الحديث المسؤول عنه صحيح الإسناد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأن ما فيه من الإخبار عن أمر مغيب إنما هو بوحي من اللهتعالى إليه -صلى الله عليه وسلم- ، فإذا تبين ذلك استحال أن يكون الهدف منه ماتوهمه السائل الفاضل من " حمل الناس على الرضى بما نحن فيه . . . " بل الغاية منهعكس ذلك تماماً ، وهو تحذيرهم من السبب الذي كان العامل على تكالب الأمم وهجومهمعلينا ، ألا وهو " حب الدنيا وكراهية الموت " فإن هذا الحب والكراهية هو الذييستلزم الرضا بالذل والاستكانة إليه والرغبة عن الجهاد في سبيل الله على اختلافأنواعه من الجهاد بالنفس والمال واللسان وغير ذلك ، وهذا هو حال غالب المسلميناليوم مع الأسف الشديد .
فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه يكون بنبذهذا العامل ، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح فى الدنيا والآخرة ، حتى يعودوا كما كانأسلافهم " يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة " .
وما أشار إليه هذا الحديثقد صرح به حديث آخر فقال -صلى الله عليه وسلم- : " إذا تبايعتم بالعينة (2) ،وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " . (3)
فتأمل كيف اتفق صريح قوله فى هذا الحديث " لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " مع ما أشار إليه الحديث الأول من هذا المعنىالذى دل عليه كتاب الله تعالى أيضاً ، وهو قوله : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتىيغيروا ما بأنفسهم ).
فثبت أن هدف الحديث إنما هو تحذير المسلمين منالاستمرار في " حب الدنيا وكراهية الموت " ، ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمنتنبهوا له وعملوا بمقتضاه لصاروا سادة الدنيا ، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار ،ولكن لا بد من هذا الليل أن ينجلي ، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله -صلى الله عليهوسلم- فى أحاديث كثيرة ، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها ، فقال عليه الصلاةوالسلام :
" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدرولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله بهالإسلام وذلاً يذل الله به الكفر " . (4)
ومصداق هذا الحديث من كتاب اللهتعالى قوله عز وجل: ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتمنوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلهولو كره المشركون ) .
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ).
أبو عبد الرحمن
محمد ناصر الدين الألباني
المصدر: مجلة التمدنالإسلامي (24 / 421 – 426).
(1) حديث صحيح ، أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 74) وابن حبان في صحيحه (ج 1 رقم 122) بسند صحيح ، وقال المنذري في " الترغيب " (1 / 40) : " رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد ".
(2) هي أن يبيع من رجلسلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه نقداً بأقل من الثمن الذي باعها به .
(3) أخرجه أبو داود (2/100) وأحمد (رقم 4825 ، 5007 ، 2562) والدولابي في " الكنى " (52) والبيهقي (5/316) من طرق عن ابن عمر ، صحح أحدها ابن القطان ، وحسنآخر شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (3/32 ، 278) .
(4) أخرجه أحمد (4/103) والطبراني في " المعجم الكبير " (1/126/2) والحاكم (4/430) وابن بشران في " الأمالي " (60/1) وابن منده في " كتاب الإيمان " (102/1) والحافظ عبدالغنى المقدسىفي " ذكر الإسلام " (126/2) من طريق أحمد عن تميم الداري مرفوعاً . وسنده صحيح ،وصححه الحاكم أيضاً ووافقه الذهبي وقال المقدسي : " حديث حسن صحيح " ، وله شاهدان : أحدهما عن المقداد بن الأسود أخرجه ابن منده والحاكم وسنده صحيح ، والآخر عن أبيثعلبة الخشني أخرجه الحاكم (1/488).
بقلم : الشيخ / محمد ناصرالدين الألباني
( السؤال ):
ورد المجلة سؤال من أحدالأساتذة المحامين في بغداد يرجو فيه التحقيق من قبل الأستاذ ناصر الدين الألبانيفي صحة الحديث المشهور : " تتداعى عليكم الأمم . . . " ويقول :
" إنني أرتاب فيصحة هذا الحديث لسببين :
الأول : أنه يخبر عن الغيب ، ولا يعلم الغيب غير الله .
والثاني : يهدف إلى حمل الناس على الرضا بما نحن فيه والبقاء عليه وعدم العملعلى تغييره " .
ثم يستنتج من ذلك أنه :
" لا بد أن يكون الحديث من وضع عدوللإسلام ولدينهم " .
( الجواب ):
وجواب الأستاذ الألباني : إن الحديثصحيح بلا ريب ، وهو يخبر عن أمر غيبي بإطلاع الله تبارك وتعالى له عليه ، وهذا أمرسائغ جائز لا غبار عليه بل هو من مستلزمات النبوة والرسالة ، والحديث يهدف إلى خلافما ظنه السائل ، هذا مجمل الجواب ، واليك التفصيل :
1- صحة الحديث :
لا يشك حديثي في صحة هذا الحديث البتة ، لوروده من طرق متباينة وأسانيدكثيرة، عن صاحبين جليلين:
الأول : ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليهوسلم-.
والثاني : أبو هريرة -رضى الله تعالى عنه- الذى حفظ لنا ما لم يحفظه غيرهمن الصحابة -رضوان الله عليهم- من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فجزاه الله عنالمسلمين خيراً.
أما ثوبان -رضي الله عنه- فله عنه ثلاث طرق :
1- عنأبي عبد السلام ، عن ثوبان ، قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
" يوشكالأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلة نحنيومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله منصدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، فقال قائل : يا رسول الله وماالوهن ؟ قال : " حب الدنيا ، وكراهية الموت " .
أخرجه أبو داود في سننه (2/10 2) والروياني في مسنده (ج 25/134/2) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه، ورجاله ثقات كلهم غير أبي عبد السلام هذا فهو مجهول ، لكنه لم يتفرد به بل توبع -كما يأتي- فالحديث صحيح .
2- عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مثله .
أخرجه أحمد (5/287) ومحمد بن محمد بن مخلد البزار في " حديث ابن السمان " (ق 182-183) عن المبارك بن فضالة ، حدثنا مرزوق أبو عبد الله الحمصي ، أنا أبو أسماءالرحبي به ، وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ، وإنما يخشى من المبارك التدليس ، وقدصرح بالتحديث فأمنا تدليسه.
2- عن عمرو بن عبيد التميمي العبسي ، عن ثوبانمختصراً .
أخرجه الطيالسي في سنده (ص 123) ، (2/211 من ترتيبه للشيخ البنا) وسنده ضعيف لكنه قوي بما قبله .
فالطريق الثاني حجة وحده لقوة سنده ، وبانضمامالطريقين الآخرين إليه يصير الحديث صحيحاً لا شك فيه .
وأما حديث أبي هريرةفأخرجه أحمد في المسند أيضاً (2/259) عن شبيل بن عوف ، عنه ، قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لثوبان :
" كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكمالأمم . . . الحديث نحوه وسنده لا بأس به في الشواهد " ، وقال الهيثمي في " مجمعالزوائد " (7/287) : " رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط بنحوه ، وإسناد أحمد جيد " !
وجملة القول : إن الحديث صحيح بطرقه وشاهده ، فلا مجال لرده من جهة إسناده، فوجب قبوله والتصديق به .
2- إخباره -صلى الله عليه وسلم- عن الغيب :
من المستغرب جداً عندنا الشك في صحة الحديث بدعوى " إنه يخبر عن الغيب ،ولا يعلم الغيب إلا الله " ومن المؤسف حقاً أن تروج هذه الدعوى عند كثير من شبابناالمسلم فقد سمعتها من بعضهم كثيراً ، وهي دعوى مباينة للإسلام تمام المباينة ، ذلكلأنها قائمة على أساس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر كسائر البشر الذين لا صلةلهم بالسماء ، ولا ينزل عليهم الوحي من الله تبارك وتعالى .
أما والأمرعندنا معشر المسلمين على خلاف ذلك ، وهو أنه عليه السلام مميز على البشر بالوحي ،ولذلك أمره الله -تبارك وتعالى- أن يبين هذه الحقيقة للناس فقال في آخر سورة الكهف : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) وعلى هذا كان لكلامه -صلى الله عليه وسلم- صفة العصمة من الخطأ لأنه كما وصفه ربه عز وجل : ( وما ينطقعن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) ، وليس هذا الوحى محصوراً بالأحكام الشرعية فقط ،بل يشمل نواحي أخرى من الشريعه منها الأمور الغيبيه ، فهو -صلى الله عليه وسلم- وإنكان لا يعلم الغيب كما قال فيما حكاه الله عنه : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت منالخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) ( الأعراف : 187 ) فإنالله تعالى يطلعه على بعض المغيبات وهذا صريح فى قول الله تبارك وتعالى ( عالمالغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول ) وقال : ( ولا يحيطون بشيءمن علمه إلا بما شاء ).
فالذى يجب اعتقاده أن النبى -صلى الله عليه وسلم- لايعلم الغيب بنفسه ولكن الله تعالى يعلمه ببعض الأمور المغيبه عنا ، ثم هو صلى اللهتعالى عليه وسلم يظهرنا على ذلك بطريق الكتاب والسنة ، وما نعلمه من تفصيلات أمورالآخرة من الحشر والجنة والنار ومن عالم الملائكه والجن ونحو ذلك مما وراء المادة ،وماكان وماسيكون ، ليس هو الا من الأمور الغيبية التي أظهر الله تعالى نبيه عليها ،ثم بلغنا إياها ، فكيف يصح بعد هذا أن يرتاب مسلم فى حديثه لأنه يخبر عن الغيب ؟! ولو جاز هذا للزم منه رد أحاديث كثيرة جداً قد تبلغ المائه حديثاً أو يزيد ، هىكلها من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم- وصدق رسالته ، ورد مثل هذا ظاهر البطلان، ومن المعلوم أن ما لزم منه باطل فهو باطل ، وقد استقصى هذه الأحاديث المشار إليهاالحافظ ابن كثير فى تاريخه وعقد لها بابا خاصا فقال : " باب ما أخبر به -صلى اللهعليه وسلم- من الكائنات المستقبلة فى حياته وبعده فوقعت طبق ما أخبر به سواء بسواء " ثم ذكرها فى فصول كثيرة فليراجعها حضره السائل إن شاء في " البداية والنهاية " (6/182-256) يجد فى ذلك هدى ونوراً بإذن الله تعالى ، وصدق الله العظيم إذ يقول :
( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرفبعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ) وقال : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحيبإذنه ما يشاء إنه علي حكيم * وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ماالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلىصراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصيرالأمور )
فليقرأ المسلمون كتاب ربهم وليتدبروه بقلوبهم يكن عصمة لهم منالزيغ والضلال ، كما قال -صلى الله عليه وسلم- : " إن هذا القرآن طرفه بيد الله ،وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً " . (1)
3- هدف الحديث :
عرفنا مما سبق أن الحديث المسؤول عنه صحيح الإسناد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأن ما فيه من الإخبار عن أمر مغيب إنما هو بوحي من اللهتعالى إليه -صلى الله عليه وسلم- ، فإذا تبين ذلك استحال أن يكون الهدف منه ماتوهمه السائل الفاضل من " حمل الناس على الرضى بما نحن فيه . . . " بل الغاية منهعكس ذلك تماماً ، وهو تحذيرهم من السبب الذي كان العامل على تكالب الأمم وهجومهمعلينا ، ألا وهو " حب الدنيا وكراهية الموت " فإن هذا الحب والكراهية هو الذييستلزم الرضا بالذل والاستكانة إليه والرغبة عن الجهاد في سبيل الله على اختلافأنواعه من الجهاد بالنفس والمال واللسان وغير ذلك ، وهذا هو حال غالب المسلميناليوم مع الأسف الشديد .
فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه يكون بنبذهذا العامل ، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح فى الدنيا والآخرة ، حتى يعودوا كما كانأسلافهم " يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة " .
وما أشار إليه هذا الحديثقد صرح به حديث آخر فقال -صلى الله عليه وسلم- : " إذا تبايعتم بالعينة (2) ،وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " . (3)
فتأمل كيف اتفق صريح قوله فى هذا الحديث " لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " مع ما أشار إليه الحديث الأول من هذا المعنىالذى دل عليه كتاب الله تعالى أيضاً ، وهو قوله : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتىيغيروا ما بأنفسهم ).
فثبت أن هدف الحديث إنما هو تحذير المسلمين منالاستمرار في " حب الدنيا وكراهية الموت " ، ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمنتنبهوا له وعملوا بمقتضاه لصاروا سادة الدنيا ، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار ،ولكن لا بد من هذا الليل أن ينجلي ، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله -صلى الله عليهوسلم- فى أحاديث كثيرة ، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها ، فقال عليه الصلاةوالسلام :
" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدرولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله بهالإسلام وذلاً يذل الله به الكفر " . (4)
ومصداق هذا الحديث من كتاب اللهتعالى قوله عز وجل: ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتمنوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلهولو كره المشركون ) .
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ).
أبو عبد الرحمن
محمد ناصر الدين الألباني
المصدر: مجلة التمدنالإسلامي (24 / 421 – 426).
(1) حديث صحيح ، أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص 74) وابن حبان في صحيحه (ج 1 رقم 122) بسند صحيح ، وقال المنذري في " الترغيب " (1 / 40) : " رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد ".
(2) هي أن يبيع من رجلسلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه نقداً بأقل من الثمن الذي باعها به .
(3) أخرجه أبو داود (2/100) وأحمد (رقم 4825 ، 5007 ، 2562) والدولابي في " الكنى " (52) والبيهقي (5/316) من طرق عن ابن عمر ، صحح أحدها ابن القطان ، وحسنآخر شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (3/32 ، 278) .
(4) أخرجه أحمد (4/103) والطبراني في " المعجم الكبير " (1/126/2) والحاكم (4/430) وابن بشران في " الأمالي " (60/1) وابن منده في " كتاب الإيمان " (102/1) والحافظ عبدالغنى المقدسىفي " ذكر الإسلام " (126/2) من طريق أحمد عن تميم الداري مرفوعاً . وسنده صحيح ،وصححه الحاكم أيضاً ووافقه الذهبي وقال المقدسي : " حديث حسن صحيح " ، وله شاهدان : أحدهما عن المقداد بن الأسود أخرجه ابن منده والحاكم وسنده صحيح ، والآخر عن أبيثعلبة الخشني أخرجه الحاكم (1/488).
مواضيع مماثلة
» لقاء المشايخ ( الشيخ ربيع - الشيخ عبيد - الشيخ فلاح - الشيخ السبيعي - الشيخ بن رمزان) في دورة الكويت التي نقلت على غرفة البيضاء العلمية
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) الانفاق
» مقطع مؤثر ::: بكاء الشيخ محمد الوصابي حفظه الله:::
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان )نعمة الامن والغنى
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) ولاتلبسوا الحق بالباطل
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) الانفاق
» مقطع مؤثر ::: بكاء الشيخ محمد الوصابي حفظه الله:::
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان )نعمة الامن والغنى
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) ولاتلبسوا الحق بالباطل
شبكة و منتديات شباب كركوك لخادم السنة النبوية مدحت كركوكلي :: لاتنسى ذكر الله :: قـسم الـسـنـة الـنبـويـة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء مارس 20, 2013 11:33 am من طرف مدحت كركوكلي
» أخي المسلم لا تضيع أجر حجة وعمرة كل يوم
الأربعاء مارس 20, 2013 11:27 am من طرف مدحت كركوكلي
» تحية وسلام الى إدارة وأعضاء المنتدى
الأربعاء مارس 20, 2013 11:22 am من طرف مدحت كركوكلي
» هل هذا فــرض ام ســنــة !!! ؟؟؟
الأربعاء مارس 20, 2013 11:14 am من طرف مدحت كركوكلي
» هل ثبتَ عن الإمام الشافعي:أنه عندما امتُحِن في المقولة بخلق القرآن أشار إلى يده يعني مخلوقة ؟ يُجيب الإمام ربيع المدخلي.
الأربعاء مارس 20, 2013 11:09 am من طرف مدحت كركوكلي
» هام لكل مسلم ومسلمة
الأربعاء مارس 20, 2013 11:06 am من طرف مدحت كركوكلي
» العقيدة الصحيحة وما يضادها
الأربعاء مارس 20, 2013 11:02 am من طرف مدحت كركوكلي
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) ولاتلبسوا الحق بالباطل
الأربعاء فبراير 29, 2012 12:20 am من طرف مدحت كركوكلي
» خطبة الشيخ محمد عبد الجبار ( الفرقان ) الانفاق
الأربعاء فبراير 29, 2012 12:16 am من طرف مدحت كركوكلي